قلنا: لأن سير القمر أسرع، فإنه يقطع فلكه في شهر، والثسس لا تقطع فلكها إلا في سنة، فكانت الشمس جديرة بأن توسف بنفى الإدراك لبطء سيرها، والقمر خليقاً بأن يوصف بالسبق لسرعة
سيره، هذا سؤال الزمخشري وجوابه، ويرد عليه أن سرعة سير القمر يناسب أن ينفى الإدراك عنه، لأنه إذا قيل: لا القمر ينبغى له
أن يدرك الشمس مع سرعة سيره، علم بالطربق الأولى أن الشمس لا ينبغى لها أن تدرك القمر مع بطء سيرها، فأما إذا قيل: لا الشمس
ينبغى لها أن تدرك القمر، أمكن أن يقال: إنما لم تدركه لبطء سيرها، فأما القمر فيجوز أن يدركها لسرعة سيره.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (وَآيَةٌ لَهُمْ) أي لأهل مكة، (أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ) أي ذرية أهل مكة أو ذرية قوم نوح عليه الصلاة والسلام (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) والذرية اسم للأولاد والمحمول في سفينة نوح عليه السلام آباء أهل مكة لا أولادهم؟
قلنا: الذرية من الأضداد، تطلق على الآباء وعلى الأولاد بدليل قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ) وصف جميع المذكورين


الصفحة التالية
Icon