وهذا يشبه الحسد والبخل بنعم الله تعالى على
عبيده بما لا يضر سليمان عليه السلام؟
قلنا: قال الحسن وقتادة رضى الله عنهما: المراد به لا ينبغى لأحد أن يسلبه منى في حياتى، كما فعل الشيطان الذي لبس خاتمه وجلس على كرسيه، الثانى: أن الله تعالى علم أنه لا يقوم غيره من عباده
بمصالح ذلك الملك، فاقتضت حكمته تخصيصه به فألهمه أن يسأله تخصيصه به، الثالث: أنه أراد بذلك ملكاً عظيماً فعبر عنه بتلك العبارة، ولم يقصد بذلك إلا عظم الملك وسعته، كما تقول لفلان ما
ليس لأحد من الفضل أو من المال، وتريد بذلك عظم فضله أو ماله، وإن كان في الناس أمثاله.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى في وصف أيوب عليه السلام: (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا) مع أن الصبر هو ترك الشكوى من ألم البلوى على ما قيل، وهو قد شكا؟
قلنا: الشكوى إلى الله تعالى لا تنافى الصبر ولا تسمى جزعاً لما فيها من إظهار الخضوع والعبودية لله تعالى، والافتقار إليه، ويؤيده قول يعقوب عليه السلام: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي)
مع قوله: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) وقولهم: الصبر ترك الشكوى، يعني إلى العباد، الثانى: أنه عليه الصلاة والسلام إنما طلب الشفاء من الله
تعالى بعد ما لم يبق منه إلا قلبه ولسانه خيفة على قومه أن يفتنهم


الصفحة التالية
Icon