قبلك.
* * *
فإن قيل: كيف عبر سبحانه عن الذهاب بأهل الجنة والنار بلفظ السوق وفيه نوع إهانة؟
قلنا: المراد بسوق أهل النار طردهم إليها بالهوان والعنف كما يفعل بالأسرى والخارجين
على السلطان إذا سيقوا إلى حبس أو قتل، والمراد بسوق أهل الجنة سوق مراكبهم حثاً واسراعاً
بهم إلى دار الكرامة والرضوان، كما يفعل بمن يشرف ويكرم من الوافدين على السلطان فشتان ما
بين السوقين.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى في صفة النار ﴿فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ بغير واو، وقال في صفة الجنة
ٍِ (وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) بالواوا؟
قلنا: فيه وجوه. أحدهما: إنها زائدة قاله الفراء وغيره، الثاني: إنها واو الثمانية، وأبواب
الجنة ثمانية، الثالث: أنها واو الحال معناه جائوها وقد فتحت أبوابها قبل مجيئهم بخلاف أبواب النار فإنها
إنما فتحت عند مجيئهم، والحكمة في ذلك من وجوه. أحدها: أن يستعجل أهل الجنة الفرح والسرور إذا
رأوا الأبواب مفتحة، وأهل النار يأتوا النار وأبوابها مغلقة ليكون أشد لحرها، الثاني: أن الوقوف على الباب المغلق
نوع ذل وهوان فصين عنه أهل الجنة لا أهل النار، الثالث: أن الكريم يعجل المثوبة ويؤخر العقوبة، فلو وجد أهل الجنة بابها مغلقاً لأثر إنتظار فتحه في كمال الكرم بخلاف أهل النار