قلنا: لأن السموات وما فيها من عالم الغيب، ومن عالم الملكوت، ومن عالم الأمر، والأرض وما فيها من عالم الشهادة والملك والخلق الأول
أسرع من الثانى، ووجه آخر: وهو أنه تعالى فعل ذلك ليعلم أن الخلق على سبيل التدريج والتمهيل في الأرض وما فيها لم يكن
للعجز عن خلقها دفعة واحدة، بل كان لمصالح لا تحصل إلا بذلك، ولهذه الحكمة خلق العالم الأكبر في ستة أيام، والعالم الأصغر وهو الإنسان في تسعة أشهر.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى في وصف أهل النار: (فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ) مع أنهم إن لم يصبروا على عذاب النار وجزعوا فالنار مثوى لهم أيضاً؟
قلنا: فيه إضمار تقديره: فإن يصبروا أو لا يصبروا فالنار مثوى لهم على كل حال، ولا ينفعهم الصبر في الآخرة كما ينفع في الدنيا.
ولهذا قيل: الصبر مفتاح الفرج، وقيل: من صبر ظفر،
الثانى: أن هذا جواب لقول المشركين في حث بعضهم لبعض على إدامة عبادة الأصنام: (أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ) فقال الله تعالى: (فَإِنْ يَصْبِرُوا) يعنى على عبادة الأصنام في الدنيا فالنار مثوى لهم في العقبى.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى في وصف الكفار: (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ) أي بأسوأ أعمالهم مع أنهم يجزون بسيئ أعمالهم