اللاتى من جملة ما لا يشاؤه عبيده أهم، والأهم واجب التقديم، فلما قدمهن وأخر الذكور لذلك المعنى تدارك تأخيرهم، وهم أحقاء بالتقديم بتعريفهم لأن التعريف تنويه وتشهير، كأنه قال: ويهب لمن
يشاء الفرسان الأعلام المشهورين الذين لا يخفون على أحد، ثم أعطى بعد ذلك كلا الجنسين حقه من التقديم والتأخير، فعرف أن تقديمهن لم يكن لتقدمهن، ولكن لمقتضى آخر فقال تعالى: (ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا) كما قال تعالى: (إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى)
وقال: (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى).
* * *
فإن قيل: كيف يقال إن الله تعالى كلم محمداً عليه السلام ليلة المعراج
مواجهة بغير حجاب ولا واسطة، وقد حصل الله تعالى تكليمه للبشر في طريق الوحى وهو الإلهام، كما كلم أم موسى عليه السلام، والإسماع من وراء حجاب، كما كلم موسى عليه السلام، وإرسال
الرسول كما كلم الأنبياء عليهم السلام بواسطة جبريل عليه السلام، وكما كلم الأمم بواسطة الرسل عليهم السلام؟
قلنا: قيل: المراد بالوحى الأول هنا الإشارة، ومنه قولهم: وحى العين، ووحى الحاجب أي إشارتهما، وقوله تعالى: (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا) فتكليمه لمحمد ﷺ ليلة ألمعراج
كان مواجهة بالإشارة.