الثانى: أن القرآن لو كان حالا في المصحف (فإما أن يكون جميعه حالا في مصحف واحد، أو في كل مصحف، بعضه)، ولا سبيل إلى الأول لأن المصاحف كلها سواء في الحكم في كتابته فيها، ولأن البعض ليس أولى بذلك من البعض، ولا سبيل
إلى الثانى وإلا لزم تعدد القرآن وأنه متحد، ولا سبيل إلى الثالث لأنه كله مكتوب في كل مصحف، ولأن هذا المصحف ليس أولى بهذا البعض من ذلك المصحف، وكذا الباقى، فثبت أنه ليس حالا في شيء منها، بل هو كلام الله تعالى وكلامه صفة قديمة قائمة به لا تفارقه.
* * *
فإن قيل: فإذا لم تفارقه فكيف سماه تعالى منزلا وتنزيلا، وقال سبحانه: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) ونظائره كثيرة، وإذا فارقه وباينه يكون مخلوقاً، لأن كل مباين له فهو غيره، وكل ما هو غيره فهو مخلوق؟
قلنا: معنى إنزاله أنه سبحانه وتعالى علمه لجبريل فحفظه، وأمره أن يعلمه للنبى ﷺ ويأمره أن يعلمه لأمته، مع أنه
لم يزل ولا يزال صفة لله تعالى قائمة به لا تفارقه.


الصفحة التالية
Icon