قلنا: أما تنكير النفس فلاستقلال الأنفس النواظر فيما قدمت للآخرة كأن قال: ولتنظر نفس واحدة في ذلك، وأين تلك النفس.
وأما تنكير الغد فلعظمة وإبهام أمره كأنه قال: لغد لا يعرف كنهه لعظمه.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (لغد) وأراد به يوم القيامة، والغد عبارة عن يوم بينه وبيننا ليلة واحدة؟
قلنا: الغد له مفهومان: أحدهما ما ذكرتم، والثانى مطلق الزمان المستقبل، ومنه قول الشاعر:
وأعلم ما في اليوم والأمس قبله... ولكننى عن علم ما في غد عمى
وأراد به مطلق الزمان المستقبل كما أراد بالأمس مطلق الزمان الماضي، فصار لكل واحد منهما مفهومان، ويؤيده أيضاً قوله تعالى: (كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ)، وقيل: إنما أطلق على يوم
القيامة اسم الغد تقريباً له كقوله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) وقوله تعالى: (وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) وكأنه تعالى قال: إن يوم إلقيامة لقربه يشبه ما ليس