حصر عدد الخزنة في تسعة عشر وذلك ليس بمثل.
قلنا: هو استعارة من المثل المضروب مما وقع غريباً وبديعاً فى
الكلام استغرابا منهم لهذا العدد واستبداعاً له، والمعنى: أي شيء أراد الله بهذا العدد العجيب، وأى حكمة قصد في جعل الخزنة تسعة عشر لا عشرين، الثانى: أن المثل هنا بمعنى الصفة كما في قوله تعالى: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) فالمعنى: ماذا أراد الله بهذا العدد صفة للخزنة.
* * *
فإن قيل: كيف طابق قوله تعالى: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) وهو سؤال للمجرمين قوله تعالى: (يَتَسَاءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ) وهو
سؤال عنهم، وإنما المطابق الظاهر يسألون المجرمين ما سلككم في سقر أو يتساءلون عن المجرمين ما سلكهم في سقر: أي يسأل أهل
الجنة بعضهم بعضا عن أهل النار؟
قلنا: قوله تعالى: (مَا سَلَكَكُمْ) ليس بيانا للتساؤل عنهم، وإنما هو حكاية قول المسؤلين عن المجرمين، فالمسؤلون من أهل الجنة
ألقوا إلى السائلين ما جرى بينهم وبين المجرمين، وذلك أن المؤمنين إذا أخرجهم الله تعالى من النار بعد ما عذبهم بقدر ذنوبهم وأدخلهم الجنة يسألهم بعض أصحاب اليمين عن حال المجرمين وسبب تخليدهم، فقال المسئولون: قلنا لهم: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ)،