سورة قريش
* * *
فإن قيل: بأى شيء تتعلق اللام في قوله تعالى: (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) ؟
قلنا: قيل إنها متعلقة بآخر السورة التى قبلها: أي فجعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش، ويؤيد هذا أنهما في مصحف أبى رضى الله
عنه سورة واحدة بلا فصل، والمعنى أنه أهلك أصحاب الفيل الذين قصدوهم ليتسامع الناس بذلك فيهابوهم ويحترموهم، فينتظم لهم الأمر في رحلتهم ولا يجترئ أحد عليهم، وقيل: معناه أهلكهم
ليألف قريش رحلة الشتاء والصيف بهلاك من كان يخيفهم ويمنعهم.
وقيل: إنها متعلقة بما بعدها وهو قوله تعالى: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ) لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف، معناه أن نعم الله تعالى عليهم لا تحصى، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لهذه النعمة
الظاهرة، وقيل: هى لام التعجب معناه آعجبوا لإيلاف قريش، وكانت لقريش في كل سنة رحلتان للتجارة التى بها معاشهم، رحلة
فى الشتاء إلى اليمن، ورحلة في الصيف إلى الشام، ثم قيل الإيلاف هنا مصدر بمعنى الإلف تقول: آلفته إيلافاً بالمد كما تقول ألفته إلفاً
بالقصر كلاهما متعد إلى مفعول واحد، فيكون معنى لإيلاف قريش لإلف قريش: أي لحبهم الرحلتين، وقيل: آلف بالمد متعد إلى
مفعولين، تقول ألف زيد المكان وآلف زيد عمرا المكان، فيكون معنى الآية لإيلاف الله تعالى قريشاً الرحلتين، فعلى هذ الوجه يكون.