فإن قيل هذه الآية (تدل) على أن غير الشرك من الذنوب لا يقطع بانتفاء مغفرته، بل يرجى مغفرته، وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا).
يدل على القطع بإنتفاء المغفرة في الكفر والظلم، وهما غير الشرك فكيف الجمع بينهما؟
قلنا: المراد بالظلم هنا الشرك قاله مقاتل، والشرك يسمى ظلماً، قال الله تعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). فكأنه قال إن الذين أشركوا.
الثانى: أن قوله تعالى: (وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ). وليس قطعاً بالمغفرة لغير المشرك، بل هو تعليق للمغفرة بالمشيئة، ثم بين في الآية الأخرى أن الكافر ليس داخلاً فيمن يشاء المغفرة له، فتعين دخوله فيمن لا يغفر له، لأنه لا واسطة بينهما.
الثالث: أنه عام خص بالآية الثانية كما خص قوله
تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا). بالآية الأولى ويؤيد هذا إجماع الأمة على أن الكافر والمشرك سواء في عدم المغفرة والتخليد في النار، وقوله تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا).