ومنه قوله :" وكلا منها رغداً " أي : من نعيمها.
نظيره :" فكلوا منها حيث شئتم " أي : من نعيمها.
ومثله في الأعراف.
ومن ذلك قوله :" وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم ".
أي حب عبادة العجل فحذف حب أولا فصار : وأشربوا في قلوبهم عبادة العجل ثم حذف العبادة.
ومثله :" من أثر الرسول " أي من أثر تراب حافر فرس الرسول.
وقال الكلبي : لما ذرى العجل في اليم وشربوا منه الماء ظهرت علامة الذهب على بدن محبي العجل فذلك قوله :" وأشربوا في قلوبهم العجل.
" وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً " أي : ذا أمن.
وإن شئت أمنا كان بمعنى : آمن.
ومن ذلك قوله تعالى :" تلك أمة قد خلت لها ما كسبت " أي : لها جزاء ما كسبت " ولكم ما كسبتم " أي : جزاء ما كسبتم.
ومنه قوله تعالى :" والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها " أي في عقوبة اللعنة وهي النار.
" كذلك يريهم الله أعمالهم " أي : جزاء أعمالهم.
قوله تعالى :" ومثل الذين كفروا " أي : مثل داعي الذين كفروا " كمثل الذي ينعق " لا بد من هذا الإضمار ليكون الداعي بمنزله الراعي.
وقيل :" ومثل الذين كفروا " : مثل وعظ الذين كفروا فحذف المضاف.
قال سيبويه : وهذا من أفصح الكلام إيجازاً واختصاراً ولأن الله تعالى أراد تشبيه شيئين بشيئين : الداعي والكفار بالراعي والغنم فاختصر.
وذكر المشبه في الغنم بالظرف الأول فدل ما أبقى على ما ألقى.
وهذا معنى كلامه.
ومثله :" إنما حرم عليكم الميتة " أي أكل الميتة فحذف.
وإن شئت : ولكن البر بر من آمن.
وإن شئت : كان البر بمعنى البار فلا يكون من هذا الباب.
ولا وجه أن يكون التقدير : ولكن البر بر من آمن ليكون ابتداء الكلام على الحقيقة لأنه إذا حذف منه ذا أو جعل بمعنى البار فعلى الوجهين يكون مغيراً عن أصله.
" فمن عفي له من أخيه شيء " أي : من جناية أخيه وتقديره : من جنايته على أخيه.
والعفو : التيسير دون الصفح كالذي في قوله.


الصفحة التالية
Icon