ومن أثبت الرؤية لم يقدر محذوفا.
ومن ذلك قوله تعالى :" فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما " أي : فلتحدث شهادة رجل وامرأتين أن تضل إحداهما.
وقال أبو علي : لا يتعلق " أَنْ " بقوله :" واستشهدوا شهيدين من رجالكم.
أن تضل إحداهما " لم يسغ ولكن يتعلق " أن " بفعل مضمر دل عليه هذا الكلام وذلك أن قوله :" فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان " يدل على قولك : واستشهدوا رجلا وامرأتين فتعلق " أَنْ " إنما هو بهذا الفعل المدلول عليه من حيث ما ذكرناه.
وقال أبو الحسن في قوله :" فرجل وامرأتان " التقدير : فليكن رجل وامرأتان.
وهذا قول حسن وذلك أنه لما كان قوله " أن تضل إحداهما " لا بد أن يتعلق بفعل وليس في قوله :" فَرَجُلٌ وامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ " فعل ظاهر جعل المضمر فعلا يرتفع به النكرة ويتعلق به المصدر وكان هذا أولى من تقدير إضمار المبتدأ الذي هو : ممن شهد به رجل وامرأتان لأن المصدر الذي هو : أن تضل إحداهما لا يجوز أن يتعلق به لفصل الخبر بين الفعل والمصدر.
فإن قلت : من أي الضريين تكون كان المضمرة في قوله " رَجُلٌ وامْرَأَتَانِ " هل يحتمل أن تكون فالقول في ذلك أن كل واحد منهما يجوز أن يقدر إضماره فإذا أضمرت الذي يقتضي الخبر كان تقديره إضمار المخبر : فليكن ممن يشهدون رجل وامرأتان.
وإنما جاز إضمار هذه وإن كان قد قال : لا يجوز : عبد الله المقتول وأنت تريد : كن عبد الله المقتول لأن ذكرها قد تقدم فتكون هذه إذا أضمرتها لتقدم الذكر بمنزلة المظهرة ألا ترى أنه لا يجوز العطف على عاملين ولما تقدم ذكر " كل " في قوله : أكل امرئ تحسين امرأ ونار توقد في الليل نارا كان كل بمنزلة ما قد ذكر في قوله : ونار توقد بالليل.
وكذلك جاز إضمار كان المنتصبة للخبر كما أضمر بعد " إنْ " في قوله : إن خنجراً فخنجر لما كان الحرف يقتضيها.