ومن ذلك قوله تعالى :" ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً " والتقدير : على موطئ عقبيه فنكص عليهما فلم يسلك الصراط السوى فحاد وزاغ عنه وزال فإنما ذلك عليه لن يضر الله بذلك شيئاً.
ومثله :" انقلبتم على أعقابكم " أي : على مواطىء أعقابكم.
ومن ذلك قوله تعالى :" من شر الوسواس الخناس " أي : من شر ذي الوسواس فحذف المضاف.
قال أبو علي في الآية : فاعل يوسوس من قوله الذي يوسوس في صدور الناس : الجنة.
وذلك أن أبا الحسن يقول : إن قوله من الجنة والناس متعلق بالوسواس كأنه : من شر الوسواس من الجنة والناس.
وإذا كان كذلك ففاعل يوسوس هو اِلْجنَّة ولا يمتنع ذلك وإن كان لفظ الجنة مؤنثا لأن معنى الجن والجنة واحد.
والعائد على هذا إلى الموصول الهاء المحذوفة أي : الذي يوسوسه فحذف.
فإن قلت : إن في هذا إضمار قبل الذكر كما أن : ضرب غلامه زيد كذلك.
وإن شئت كان وإن شئت قدرت في الوسواس فيكون العائد إلى الموصول ذكر الفاعل في يوسوس : ولا تضمر الهاء كما أضمرت في الوجه الآخر.
ومن حذف المضاف قوله تعالى :" ثم توفى كل نفس ما كسبت " في البقرة أي : جزاء ماكسبت وفي آل عمران في موضعين وفي سورة النحل " توفى كل نفس ما عملت " أي : جزاء ما عملت.
وفي " حم عسق " و " الجاثية " وفي جميع التنزيل.
ومنه قوله تعالى :" هم درجات عند الله " أي ذوو درجات عند الجمهور.
وقدره البخاري : لهم درجات على نزع الخافض.
ومن حذف المضاف قوله تعالى :" قد نرى تقلب وجهك في السماء ".
قال أبو علي : هذا يكون على ضربين : أحدهما : تقلب وجهك نحو السماء وهذا يفعله المهتم المتفكر فالسماء هذه التي تظل الأرض ويكون السماء ما ارتفع وكان خلاف السفل أي : تقلب وجهك في الهواء.
ولا يكون في السماء متعلقاً ب نرى لأنه سبحانه وتعالى يرى في السماء وغيرها فلا وجه لتخصيص السماء.