ووجه ثالث : وهو أن يكون يدعو بمعنى يقول كقول القائل : ما يدعى فلان فيكم أي : ما يقال له وكذلك : يدعون عنته أي : يقولون : يا عنته أي : يقولون الذي ضره أقرب من نفعه هو ووجه رابع : وهو أن يكون يدعو من تمام الضلال البعيد أي : يدعوه ويدعوه في موضع الحال للمبتدأ والتقدير : ذلك هو الضلال البعيد داعياً أي : في حال دعايته إياه.
ولمن ضره ابتداء وخبره لبئس المولى.
ولا يكون لبئس المولى خبراً في قول من يقول : إن يدعو بمعنى يقول لأن المنافق لا يقول : إن الصنم والله لبئس المولى.
وإن قلت : إنه لا يقول أيضاً : ضره أقرب من نفعه وإنما يقول غير ذلك فإن ذلك على اعتقادنا ما فيه من كونه ضاراً على تقدير أن المنافق يقول : الصنم إله ثم يأخذ في ذمه.
ومن ذلك قراءة من قرأ : أن هذه أمتكم أمة واحدة بالفتح لأن التقدير : ولأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون أي : فاتقون هذا.
ومثله وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً.
المعنى : ولأن المساجد لله فلا تدعو.
وكذلك عند الخليل لإيلاف قريش كأنه : فليعبدوا رب هذا البيت لإيلاف قريش أي : ليقابلوا هذه النعمة بالشكر والعبادة للمنع بها.
فأما قوله : وأن الله ربي وربكم فاعبدوه في سورة مريم فيجوز أن يكون على هذا : فاعبدوه لأنه ربي وربكم.
ولكن أبا علي حمله على قوله : أوصاني بالصلاة والزكاة بأن الله ربي.
وأما قوله : وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه فيكون مثل هذا والفاء في قوله فاتبعوه مثل الفاء في قوله : بزيد فامرر.
والفاء في قوله الثاني عاطفة جملة على وقال الفراء فيمن فتح وأن هذا صراطي : إنه محمول على الهاء من قوله : ذلكم وصاكم به أي : به وبأن هذا.
وهكذا قال أيضاً في قوله : وأنه تعالى جد ربنا : إنه محمول على قوله : فآمنا به وبأنه تعالى.


الصفحة التالية
Icon