فهذا قول ساقط مستكره لانكساره وتجويز مالا يجاز فيه حيث يوجد لتأويله مجاز وإن كان غير هذا الوجه من حذف الحرف من من وحذفه غير سائغ لأن أقصى أحوالها أن تكون كالمتمكنة والمتمكنة إذا كانت على حرفين لم تحذف إنما تحذف من الثلاثة لتصير على حرفين فإذا بلغ ذلك لم يكن بعده موضع حذف هذا على إن من غير متمكنة والحذف فيها وفي ضربها غير موجود.
فأما لدن فهو على ثلاثة أضرب وقد قلنا فيه فيما تقدم وكذلك ما قالوه من قولهم : و الله خالط من سلمى خياشم وفا موضع ضرورة فأما ما ذكره الفراء من الحذف من لمن ما كالحذف من قولهم علما.
فالذي نقول : إن الحذف أحد ما تخفف به الأمثال إذا اجتمعت وهو على ضربين : أحدهما : أن يحذف الحرف مع جواز الإدغام كقولهم : بخ بخ في : بخٍ بخٍ.
والآخر أن يحذف لامتناع الإدغام في الحرف المدغم فيه لسكونه وإن الحركة غير متأتية فيه مثل علما أو لأن الحرف المدغم يتصل بحرف إذا أدغم فأسكن لزم تحريك ما قبله وهو مما لا يتحرك مثل يسطيع فلا يشبه قولهم علما إذا أرادوا : على الماء ما شبهه به لو أريد به : لمن ما لأنك لو أدغمت اللام من على في التي للتعريف للزم تحريكها وهي ما يلزمه السكون ولذلك اجتلبت معها همزة الوصل فلما كان كذلك حذفت اللام الأولى وليس كذلك لمن ما ألا ترى إن الحرف المدغم فيه هنا متحرك وليس بساكن فلا يشبه هذا ما شبهه به.


الصفحة التالية
Icon