قال : وقد رأينا نحن في ذلك قولاً لم أعلم أحداً تقدمنا فيه وهو أن تكون لما هذه في قول من شدد في هذه الآي لم النافية دخلت عليها ما فهيأتها للدخول على ما كان يمتنع دخولها عليه قبل لحاق ما لها ونظير ذلك : إنما أنذركم بالوحي ولعلما أنت حالم وما أشبهه وربما أوفيت.
ألا ترى أنها هيأت الحرف للدخول على الفعل فكأنه في التقدير : إن كل نفس لما عليها أي : ليس كل نفس إلا عليها حافظ نفياً لقول من قال : كل نفس ليس عليها حافظ أي : كل نفس عليها حافظ.
ف إن على هذا التقدير تكون النافية الكائنة بمعنى ما والقراءة بالتثقيل على هذا تطابق القراءة بالتخفيف لأن المعنى يؤول إلى : كل نفس عليها حافظ مثل قوله : ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب إلا أنه أكد ب إن والقراءة بالتخفيف لما أسهل مأخذاً وأقرب متناولاً.
وأما تقدير قوله : وإن كل لما جميع لدينا محضرون كأنه قيل : كل ما جميع لدينا محضرون على ما كانوا ينكرونه من أمر البعث حتى حمل عظيم إلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله - فقيل له : أترى الله يحيي هذا بعد ما رم وكما حكي في التنزيل من قولهم : أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمبعوثون في كثير من الآي تحكي عنهم أنهم ينكرون فيها البعث فقيل لهم : كل ما جميع لدينا محضرون نفي لقولهم : كلهم ليس يجمعون عند الله ولا ينشرون.
وأما قوله : وإن كل ذلك لما متاع الحياة فكأنه قيل : كل ذلك ليس متاع الحياة الدنيا فنفى ذلك بأن قيل : ليس ذلك متاع وإذا نفي أنه كله ليس متاع الحياة الدنيا أي : ليس شيء من ذلك للكافر يقربه إلى الله وإلى الدار الآخرة إنما هو متاع الدنيا والعاجلة.
وأما قوله : لو أردنا أن نتخذ لهواً لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين قيل : التقدير : ما كنا فاعلين وليست إلا معها.
فأما قوله : قل إن كان للرحمن ولد فقد قيل : قل إن كان للرحمن ولد وتم الكلام.
ثم قال : فأنا أول العابدين على أنه لا ولد له.