القول في قوله تعالى :" فما لهم عن التذكرة معرضين " : إن الحال لا يخلو فيه من أن يكون : عما في اللام أو عن المضاف إليهم فلا يجوز أن يكون عما في اللام فإذا لم يجز ذلك ثبت أنه عن المضاف إليهم والمضاف إليه إنما جاز انتصاب الحال عنه لأنه لا تخلو الإضافة فيه من أن تكون بمعنى اللام أو بمعنى من فمن أي القسمين كان فمعنى الفعل فيه حاصل فانتصابهما عن معنى الفعل ولا يكون ذلك معنى مضمرا كما ذهب إليه أبو عثمان في قوله : وإذ ما مثلهم بشر ولكن حكم منزلة الحرف المراد في الظرف في ذلك حكم الإظهار لأن الإضمار لا يلزمه ألا ترى أنك إذا كنيت عنه ظهر الحرف فكذلك حكم الظرف المراد في الإضافة لما لم يلزم حذفه لقولك : ثوب زيدٍ وثوب لزيدٍ وحلقة حديدٍ وحلقة من حديد بمنزلة الحرف الذي يراد في الظرف ولا يلزم حذفه فعن هذا يلتزم الحال عن المضاف إليه.
ومما يبين ذلك قوله : ألا ترى أن الحال لا تكون من المضاف إليه ولا تكون من كان لأنه لا عمل لها في ذي الحال ولا من خبرها فإذا لم يجز ذلك ثبت أنه من المضاف إليه كما أنها في الآية من المضاف إليه.
فأما قوله : فهل في معدٍّ فوق ذلك مرفدا فلا يخلو من أحد أمرين : أحدهما : على ما يذهب إليه أبو الحسن في قوله تعالى :" وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك " ونحوها فيكون في موضع رفع.
والآخر : أن يكون صفة والموصوف محذوف.
فيجوز انتصاب المرفد أن يكون حالا عن كل واحدٍ من القولين ويجوز أن يكون من المضاف إليه ويجوز أن يكون تبيينا عن ذلك مثل : أفضلهم رجلا.
ومن ذلك قوله :" أن دابر هؤلاء مقطوعٌ مصبحين " ف " مصبحين ".
حال من المضاف إليهم أعنى :" هؤلاء ".
المتم الخمسين فمن ذلك قوله تعالى :" قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا ".
المعنى : أي لا تشركوا به شيئا ف لا ناهية جازمة و أن بمعنى أي.