فإن قيل : فإذا كان تأويل المشى على ما ذكرتم فغير ممتنع أن يكون التقدير : انطلقوا بالمشى لأنه يكون على هذا المعنى : أوصوهم بالملازمة لعبادتها قيل الوصية وإنما هي العبادة في الحقيقة لا بغيرها فلا يجوز تعليق الوصية بغير العبادة.
وأيضا ليس المعنى : ذهبوا في الكلام وخاضوا فيه بالمداومة والملازمة بالعبادة.
وأما قوله :" ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ".
أن بمعنى : أي وهي تفسير " أمرتني " لأن في الأمر معنى أي : ولو قلت : ما قلت لهم إلا ما قلت لي أن اعبدوا الله لم يجز لأنه قد ذكر أولها : أن يكون الفعل والذي يفسره أو يعبر عنه فيه معنى القول وليس بقولٍ وقد مضى هذا.
والثاني : ألا يتصل به شيء منه صار في جملته ولم يكن تفسيرا له كالذي قدره سيبويه : أوعزت إليه بأن افعل.
والثالث : أن يكون ما قبلها كلاما تاما لأنها وما بعدها جملة تفسر جملة قبلها ومن أجل ذلك كان قوله :" وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين " : وآخر قولهم " دعواهم " مبتدأ و " آخر قولهم " مبتدأ لا خبر معه وهو غير تام فلا يكون بعده أن بمعنى أي.
وقوله تعالى :" وناديناه أن يا إبراهيم.
قد صدقت الرؤيا ".
ومعناه : بأنك قد صدقت الرؤيا.
وأجاز الخليل أيضاً أن يكون على أي لأن " ناديناه " كلام تام ومعناه : قلنا : يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا.
ومن ذلك قوله :" ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك " يكون بمعنى أي ويكون بإضمار الباء كما حكى الخليل : أرسل إليه بأنك ما أنت وذا.
وأما قوله :" وجعلناه هدىً لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا " فيمن زعم وهو معمر " ألا تتخذوا من دوني " على إضمار القول كأنه يراد به : قلنا أن لا تتخذوا ولم يكن قوله هذا متجها وذلك أن القول لا يخلو من أن تقع بعده جملة على معنى : يحكى أو معنى جملة تعمل في لفظه.
القول الأول : كقولك : قال زيد عمرو لمنطلق فموضع الجملة نصب بالقول.


الصفحة التالية
Icon