والآخر يجوز أن يقول القائل : لا إله إلا الله فتقول : قلت حقا أو يقول : الثلج حار فتقول : قلت باطلا فهذا معنى ما قاله وليس نفس القول.
وقوله " أن لا تتخذوا " خارج من هذين الوجهين ألا ترى أن " أن لا تتخذوا " ليس هو معنى القول كما أن قولك : حقا إذا سمعت كلمة الإخلاص معنى القول وليس قوله " أن لا تتخذوا " بجملة فيكون كقولك : قال زيد عمرو منطلق.
ويجوز أن يكون بمعنى أي أي التي للتفسير انصراف الكلام من الغيبة إلى الخطاب كما انصرف من الخطاب في قوله تعالى :" وانطلق الملأ منهم أن امشوا " إلى الأمر كذلك انصرف من الغيبة إلى النهي في قوله :" أن لا تتخذوا " وكذلك قوله :" أن اعبدوا الله ربي " في وقوع الأمر بعد الخطاب ويجوز أن تضمر القول وتخمل " تتخذوا " على القول المضمر إذا جعلت أن زائدة فيكون التقدير : وجعلناه هدى لبني إسرائيل فقلنا : لا تتخذوا من دوني وكيلا فيجوز إذا في قوله :" أن لا تتخذوا " ثلاثة أوجه : أحدها : أن تكون الناصبة للفعل فيكون المعنى : وجعلناه هدى كراهة أن تتخذوا من دوني والآخر : أن تكون بمعنى أي لأنه بعد كلام تام فيكون التقدير : أي لا تتخذوا.
والثالث : أن تكون أن زائدة وتضمر القول.
وأما قوله :" وقضى ربك ألا تعبدوا ".
قال أبو علي : يكون أن التفسير لأن " قضى ربك " كلام تام ولا " تعبدوا " نهى كأنه : قضى ربك هذا وأمر بهذا.
فعلى هذا يكون قوله :" وبالوالدين إحساناً " كأنه أمر بعد نهي كأنه : وأحسنوا بالوالدين إحسانا وتكون الناصبة للفعل أيضا فيكون الواو في " بالوالدين " عاطفة على أن كأنك قلت : قضى بأن لا تعبدوا وأن تحسنوا ويكون الفعل بعد الواو القائمة مقام أن محذوفا وما أقل ما يحذف الفعل في صلة أن وكذلك ينبغي ألا يحذف بعدما يقوم مقامها وقد قال : أما أنت منطلقا انطلقت إليك فحمله على أن كنت وما بدل من الفعلين وليس في الآية بل فلا تحمل على أن الناصبة