وأما قوله تعالى :" ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه " فإن جواب إذا قوله " تولوا " وليس الجواب " قلت " والتقدير في قلت أن يكون بحرف عطف إلا أنك استغنيت عنه بتضمن الثانية الذكر مما في الأولى بمنزلة قوله " رابعهم كلبهم " ألا ترى أن إفاضتهم الدمع إنما هو إياسهم من الخروج والتوجه نحو العدو لتعذر الظهور الحاملة لهم عليها.
وأما قوله تعالى :" واتقوا فتنةً لا تصيبن الذين ظلموا ".
فحمله أبو الحسن على حذف الواو نهى بعد أمرٍ.
وحمله الفراء على جواب الأمر وفيه طرف من النهي ومثله :" ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم ".
ومن ذلك قوله :" رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما " أي : وأنعم الله فحذف الواو.
وقال الله تعالى :" فخرج على قومه في زينته.
قال الذين يريدون " أي : وقال.
ومن ذلك قال الفراء في قوله :" أوهم قائلون " على إضمار الواو كأنه : أو وهم قائلون فحذفت قال أبو علي : إنما قال هذا لأن " أوهم قائلون " معطوف على " بياتا " الذي هو حال فهذه الجملة إذا دخلت كانت مؤذنة بأن الجملة بعدها للحال أيضا فالتقدير أتاهم بأسنا بائتين أو قائلين.
ولو قلت : جاءني زيد ويده فوق رأسه بلا واو لكان حسنا وإذا كان كذلك فقد يجوز ألا تقدر الواو يدلك على أن قوله " وهم قائلون " جملة في موضع مفرد قوله :" أرأيتكم إن أتاكم عذابه بياتاً أو نهاراً " فقوله :" أوهم قائلون " بمنزلة " نهارا ".
http://www.al-eman.com/Islamlib/ - TOPلثالث والخمسون باب ما جاء في التنزيل من الحروف التي أقيم بعضها مقام بعض
وهذا الباب يتلقاه الناس معسولا ساذجا من الصنعة وما أبعد الصواب عنهم وأوقفهم دونه وذلك أنهم يقولون : إن إلى يكون بمعنى مع ويحتجون لذلك بقول الله تعالى :" من أنصاري إلى الله " أي : مع الله.
وقال الله تعالى :" ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم " أي : مع امولكم.


الصفحة التالية
Icon