وقيل التقدير : لا يضل ربي عنه فحذف الجار مع المجرور والجملة في موضع جر صفة للكتاب.
ومن ذلك قوله تعالى :" لأقعدن لهم صراطك المستقيم " أي : على صراطك.
وقال :" واقعدوا لهم كل مرصد " أي : على كل مرصد.
قال أبو إسحاق : قال أبو عبيدة : المعنى كل طريق.
وقال أبو الحسن : على محذوفة.
المعنى : على كل مرصد.
وانشد : نغالى اللحم للأضياف نيئاً قال أبو إسحاق : كل مرصد ظرف كقولك : ذهبت مذهبا وذهبت طريقا وذهبت كل طريق فلست تحتاج إلى أن تقول في هذا الأمر بقوله في الظرف نحو : خلف وقدام.
قال أبو علي : القول في هذا عندي كما قال وليس يحتاج في هذا إلى تقدير على إذا كان المرصد اسماً للمكان.
كما أنك إذا قلت : ذهبت مذهباً ودخلت مدخلا فجعلت المدخل والمذهب اسمين للمكان لم نحتج إلى على ولا إلى تقدير حرف جر.
إلا أن أبا الحسن ذهب إلى أن المرصد اسم للطريق كما فسره أبو عبيدة.
وإذا كان اسما للطريق كان مخصوصا وإذا كان مخصوصا وجب ألا يصل الفعل الذي لا تتعدى إليه إلا بحرف جر نحو : ذهبت إلى زيد ودخلت به وخرجت به وقعدت على الطريق إلا أن يجئ في شئ من ذلك اتساع فيكون الحرف معه محذوفاً كما حكاه سيبويه من قولهم : ذهبت الشام ودخلت البيت.
فالأسماء المخصوصة إذا تعدت إليها الأفعال التي لا يتعدى فإنما هو على الاتساع.
والحكم في تعديها إليها والأصل أن يكون بالحرف.
وقد غلط أبو إسحاق في قوله :" كل مرصد " حيث جعله ظرفاً كالطريق كقولك : ذهبت مذهبا وذهبت طريقا وذهبت كل مذهب في أن جعل الطريق ظرفاً كالمذهب وليس الطريق بظرف.
ألا ترى أنه مكان مخصوص كما أن البيت والمسجد مخصوصان.
وقد نص سيبويه على اختصاصه والنص يدل على أنه ليس كالمذهب.
ألا ترى أنه حمل قول ساعدة : لدن بهز الكف يعسل متنه فيه كما عسل الطريق الثعلب على أنه قد حذف معه الحرف اتساعا كما حذف عنده من : ذهبت الشام.