وليس كون لا زائدة في فحوى خطاب العرب مما يكون طعناً من الملحدة على كلام الله لأن كلام الله منزل على لسانهم.
فما كان متعارفاً في لسانهم لا يمكن الطعن به على كتاب الله تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
وكيف يكون زيادة لا شاذة وقد جاء ذلك عنهم وشاع كقول الهذلى : أفعنك لا برق كأن وميضه غاب تسنمه ضرام مثقب أي أفمن ناحيتك أيتها المرأة هذا البرق الذي يشبه ضوؤه ضوء غاب.
وأنشد أبو عبيدة للأحوص : وتلحيننى في اللهو ألا أحبه وللهو داع دائب غير غافل أي : في اللهو أن أحبه ولا زائدة : ما بال جهلك بعد الحلم والدين وقد علاك مشيب حين لا حين لا فيه زائدة إذا قلت : علاك مشيب حين حين فقد أثبت حيناً علاه فيه المشيب.
فلو جعلت لا غير زائدة لوجب أن تكون نافية على حدها في قولهم : جئت بلا مال وأبت بلا غنيمة.
فنفيت ما أثبت من حيث كان النفي ب لا عاماً منتظماً لجميع الجنس.
فلما لم يستقم حمله على الجنس لتدافع العارض في ذلك حكمت بزيادتهما فصار التقدير : حين حين.
وهو من باب : حلقة فضة وخاتم حديد لأن الحين يقع على الزمان القليل كالساعة ونحوها وعلى الطويل كقوله تعالى :" هل أتى على الإنسان حين من الدهر " وعلى ما هو أقصر من ذلك كقوله تعالى :" تؤتى أكلها كل حين ".
فصار : حين حين كقوله : ولولا يوم يوم ما أردنا ومنه قول الشماخ : أعايش ما لأهلك لا أراهم يضيعون الهجان مع المضيع وروى التوزى عن أبي عبيدة أن لا زائدة.
ومنه فول المرار بيت الكتاب : ولا ينطق الفحشاء من كان منهم إذا جلسوا منا ولا من سوائنا وأما قوله تعالى :" ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم " فإن موضع قوله في الأرض يحتمل ضربين : أحدهما : أن يكون مفعولاً فيه ظرفاً.
والآخر : أن يكون وصفاً.
فإن جعلته ظرفاً احتمل أن يكون ظرفاً ل أصاب واحتمل أن يكون ل مصيبة.
ولا ذكر فيه على شئ من هذين التأويلين.


الصفحة التالية
Icon