يعني أنه أمر غائباً فقال : عليه.
وأما ما روى عن النبي عليه السلام أنه قال :" من استطاع منكم الباءة فليتزوج وإلا فعليه بالصوم فإنه له وجاء ".
وإنما أمر الغائب بهذا الحرف على شذوذه لأنه قد جرى للمأمور ذكر فصار بالذكر الذي جرى له كالحاضر فأشبه أمر الحاضر.
وإنما قوله عليه خبر لا أي : لا إثم عليه في التطوف بينهما والطواف ليس بفرض.
وأما قوله تعالى :" هيت لك " فقد قالوا : معناه : هلم لك.
قال رجل لعلي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه : أبلغ أمير المؤمنين أخا العراق إذا أتيتا أن العراق وأهله عنق إليك فهيت هيتا أي : هلم إلينا وقد كسر قوم الهاء وهو لغة في ذا المعنى ورفعت في ذا المعنى.
قال : وقراءة أهل المدينة : هيت لك في ذا المعنى الهاء مكسورة والتاء مفتوحة.
والمعروف : هَيْتُ هيتَ بضم التاء وفتحها.
وحكى الكسر أيضاً.
وهو اسم للفعل.
ولك على هذا للتبيين بمنزلة لك في قولهم : هلم لك.
ومثل تبيينهم : رويدك بالكاف في رويدك.
وتبيينهم هآء وهآء بقولهم : هاك وهاك.
ولك في هلم لك متعلق بهذا الاسم الذي سمي به الفعل.
ولا يجوز أن يتعلق بمضمر لأنك لو علقته بمضمر لصار وصفاً.
وهذه الأسماء التي سميت الأفعال بها لا توصف لأنها بمنزلة مثال الأمر وكما لا يوصف مثال الأمر كذلك لا توصف هذه الأسماء.
ومن ذلك هلم في قوله : هلم شهداءكم وفي قوله : هلم إلينا.
وهي ها ضمت إلى لم فجعلا كالشئ الواحد.
وفيه لغتان.
أحدهما وهو قول أهل الحجاز ولغة التنزيل أن يكون في جميع الأحوال للواحد والواحدة والآثنين والآثنتين والجماعة من الرجال والنساء على لفظ واحد لا تظهر فيه علامة تثنية ولا جمع كقولهم : هلم إلينا فيكون بمنزلة : رويد وصه ومه ونحو ذلك نحو الأسماء التي سميت بها الأفعال وتستعمل للواحد والجمع والتأنيث والتذكير على صورة واحدة.


الصفحة التالية
Icon