فإذا عرفت هذا فقوله تعالى "فلتقم طائفة منهم معك" فمعناه فلتصل طائفة منهم لم يصلوا معك، أي فلتقم طائفة بركعة، فحذف ثم قال "فليأخذوا أسلحتهم" أي الذين انصرفوا إلى تجاه العدو ولم يصلوا معك، وليأخذوا أسلحتهم ثم قال "فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم" يعني الطائفة التي صلت تقوم بإزاء العدو حين فرغت من ركعة عقيب السجدة، لأن الفاء للتعقيب فلا يجوز إذا سجدت الثانية أن تقف لتتم الركعة الأولى فتضم إليها الركعة الثانية، لأن الفاء يبطل معناها إذ ذاك، فوجب أن يكونوا من وراء عقيب السجدة بإزاء العدو، ولا تقف للركعة الباقية، ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك ركعة، فحذف المفعول ولم يقل فلتنصرف الأولى وتؤدى الركعة بغير قراءة وتسلم فحذف هذه الجملة، وحذف المفعول من قوله "فليصلوا معك"، وحذف الجار والمجرور من قوله "فليقم طائفة منهم معك" وأضمر في قوله"وليأخذوا أسلحتهم" غير الطائفة المأمورين بالقيام معه فلا ينصرف الضمير من قوله "وليأخذوا" إلى الظاهر قبله؛ وإنما التقدير وليأخذ باقيهم أسلحتهم؛ فحذف المضاف فاتصل المنفصل ونظير حذف الباقي قوله تعالى "فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين"، أي ليتفقه باقيهم ولما أضمر غير المقدم ذكرهم رجع إلى ذكرهم في قوله "فإذا سجدوا" فخالف بين الضميرين اللذين أحدهما بعد صاحبه فلا يمكنك إنكاره بقولك لم خالفت بينهما؟ ولم تجعل قوله "وليأخذوا" راجعاً إلى الطائفة التي أمرت بالقيام معه حتى تأخذ السلاح معه في الصلاة؛ لأن اختلاف الضميرين قد جاء في التنزيل قال عز من قائل "فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها" فالهاء الأولى لصاحبه، والثانية له صلى الله عليه وآله وقال "إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون" فالهاء في به لله؛ والمتقدمان للشيطان وقال "وما بلغوا معشار ما آتيناهم" فالضمير في بلغوا لمشركي مكة؛ والذي في آتيناهم للمتقدمين من المشركين وقال


الصفحة التالية
Icon