والوجه الذي طلق عام جاع، لأن الضمير في طلق يعود إلى الذي وهو غائب، فوجب أن يكون ضمير غائب ومثله "ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم" و "ها أنتم أولاء تحبونهم" فيها الوجوه التي ذكرنا فإن قال قائل إذا زعمتم أن قوله "تقتلون أنفسكم" في موضع الحال، والحال فضلة في الكلام فهل يجوز أن يقول ثم أنتم هؤلاء؟ قيل له إذا كان المقصد الإخبار، فما أوجب حكم اللفظ فيه أن يكون حالاً وجب أن يجري لفظه على الحال، وتصير الحال لازمة عما أوجبه المعنى، كما أن الصفة في بعض المواضع لازمة، كقولك بمن صالح، ويا أيها الرجل فصالح والرجل، لازمتان لا يجوز إسقاطهما من الكلام، وإن أصل الصفة أن تكون مستغنى عنها وأيضاً فإنا رأينا الحال مع المصادر لا يستغنى عنها في مثل قولك شربك السويق ملتوتاً، ونحوه وأما قوله هذا لها وذاليا بمعنى وهذا ليا فإنما جاز تقديم ها على الواو لأن ها تنبيه، والتنبيه قد يدخل على الواو إذا عطفت بها جملة على جملة، كقولك ألا إن زيداً خارج، ألا إن عمراً مقيم ونحو هذا، فاعرفه وأما القول في الهاء التي في ها أنتم هؤلاء فقد روى بالمد والقصر فوجه ها أنتم أنه قد أبدل من الهمزة الهاء، أراد أنتم فأبدل من الهمزة الهاء ولا يمتنع أن تبدل من الهمزة الهاء، كما لم يمتنع إبدال الواو والتاء والباء في القسم، وإن كان على حرف واحد؛ ولا يحمل على حرف الألف من ها هنا في هلم فإنه جاز، لأن اللام في تقدير السكون، لأن الحركة نقلت إليها من غيرها فحذفت الألف لالتقاء الساكنين وهذا الاستفهام بمعنى التقرير وأما ها أنتم فإنها للتنبيه، ولحقت الجملة كما لحقت يا في ذا البيت
يا قاتل الله صبياناً تجئ بهم | أم الضبيغس من زند لها وارى |