ألا ترى أنه قد تقدم يهوى على وقعها في موضع هاويا، وهذا يدل على جواز تقديم الحال من المضمر ومن تقديم خبر كان قوله "ولم يكن له كفواً أحدٌ" فالظرف حشو وأحد اسم كان، وكفوا خبره، وأجاز أن يكون له وصفا للنكرة، فلما تقدم انتصب على الحال وحمله الكوفي على إضمار المجهول في يكن، وفي يكن ضمير القصة، وكفوا حال وهذا إنما جاز عندهم للحاق النفي الكلام، وإلا كان كفرا، لأنك إذا قلت لم يكن الأمر له كفواً أحد، كان إيجاباً، تعالى الله عن ذلك وتقدس فهو كقولهم ليس الطيب إلا المسك، على إضمارٍ في ليس وإدخال إلا بين المبتدأ والخبر، لأنه يؤول إلى النفي والعامل في الظرف إذا كان حالاً هو يكن وعلى قول البغداديين في كفوا المنتصب على الحال "لَهُ"، و "لَهُ" متعلق بمحذوف في الأصل، وأحد مرتفع به على قولهم وكانَّ له إنما قدمت وإن لم يكن مستقراً، لأن فيه تبييناً وتخصيصاً ل كفو فلهذا قدم، وحسن التقديم وإن لم يكن مستقراً فهذا كله في تقديم ما في حيز المبتدأ فأما الظرف إذا كان خبراً ل كان فتقديمه على اسم كان كثير، كقوله "ومن تكون له عاقبة الدار" وقوله "وتكون لكما الكبرياء" وقوله "قد كان لكم آية" وكقوله "ولم تكن له فئة" فأما قوله "وكان حقاً علينا نصر المؤمنين" فقيل نصر يرتفع ب كان، وحقاً خبر مقدم وقيل بل اسم كان مضمر، والتقدير كان الانتقام حقاً، فتقف على هذا، وتبتدئ "علينا نصر المؤمنين" ومن هذا الباب قوله تعالى "كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون" ف هم مبتدأ، ويستغفرون الخبر، والجار في صلة يستغفرون، وقدمه على المبتدأ كما قدم "وبالآخرة هم يوقنون" ومثله "أفبهذا الحديث أنتم مدهنون" ف أنتم مبتدأ، ومدهنون خبره، والجار من صلة مدهنون وأما قوله قليلاً فستراه في باب آخر إن شاء الله
الرابع عشر
ما جاء في التنزيل وقد حُذف الموصوف
وأقيمت صفته مقامه


الصفحة التالية
Icon