ولا شك أنك قد عرفت الجمل، ألا ترى أنهم زعموا أن الجمل اثنتان فعليه وأسمية، وقد ورد القبيلان في التنزيل وذكر إضمار الجمل سيبويه في مواضع من ذلك قوله العباد مجزيون بأعمالهم، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر أي إن عملوا خيراً فالمجزى به خير ومثله هذا ولا زعماتك، أي ولا أتوهم أو فرقاً خير من حب، أي أفرق قال وحدثنا أبو الخطاب أنه سمع بعض العرب، وقيل له لم أفسدتم مكانكم هذا؟ قال الصبيان يا أبي فنصب، كأنه حذر أن يلام فقال لم الصبيان ومن ذلك قوله عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم قال التقدير أبدأ باسم الله أو بدأت باسم الله، أو ابدأ باسم الله وأضمر قوم فيها اسماً مفرداً على تقدير اٌبتدائى باسم الله فيكون الظرف خبراً للمبتدأ وفيه فإذا قدرت أبدأ أو اٌبدأ يكون باٌسم الله في موضع النصب مفعولاً به وإذا قدرت اٌبتدائى باٌسم الله، يكون التقدير ابتدائى كائن باٌسم الله، ويكون في باسم الله ضمير انتقل إليه من الفاعل المحذوف، الذي هو الخبر حقيقة ومنه قوله تعالى "وإذ قال ربك" أي واذكر إذ قال ربك وإن شئت قدرت وابتداء خلقكم إذ قال ربك وكذلك قوله تعالى "وإذ قلنا للملائكة" أي واذكر إذ قلنا للملائكة وجميع إذ في التنزيل أكثره على هذا ومن حذف الجملة قوله تعالى "فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت" أي فضرب فانفجرت نظيره في الأعراف والشعراء فضرب فانبجست؛ فضرب "فاٌنْفَلَقَ" ومن ذلك قوله تعالى "فمن اضطر غير باغ ولا عاد" أي فمن اضطر فأكل، وهو في صلة من و غير حال من قوله "اضطُرَّ "، أو من الضمير في أكل وفيه كلام يأتيك في حذف المفعول ومثله "فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام" أي فأفطر فعدة من أيام، موضعين جميعاً ومثله "وعلى الذين يطيقونه فدية" أي فيفطرون ففدية ومثله "فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام" أي حلق ففدية فهذه أفعال حذفت من الصلة ومثله بل ملة إبراهيم حنيفاً أي تتبع ملة إبراهيم حنيفاً


الصفحة التالية
Icon