ومن ذلك قوله تعالى "فمن شرب منه فليس منى" أي ليس من أهل ديني ومن ذلك قوله "نساؤكم حرث لكم" أي" فروج نسائكم ومثله قوله تعالى "وإني خفت الموالي من ورائي" أي تضييع بني عمي، فحذف المضاف والمعنى على تضييعهم الدين، ونبذهم إياه، واطراحهم له، فسأل ربه وليا يرث نبوته ومنه قوله تعالى "قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله" أي ملاقون ثواب الله، كقوله تعالى "ملاقوا ربهم" وقوله تعالى "أنكم ملاقوه" أي ثوابه وهذا قول نفاة الرؤية ومن أثبت الرؤية لم يقدر محذوفا ومن ذلك قوله تعالى "فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما" أي فلتحدث شهادة رجل وامرأتين أن تضل إحداهما وقال أبو علي لا يتعلق "أَنْ " بقوله "واستشهدوا شهيدين من رجالكم أن تضل إحداهما" لم يسغ، ولكن يتعلق "أن" بفعل مضمر دل عليه هذا الكلام، وذلك أن قوله " فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان" يدل على قولك واستشهدوا رجلا وامرأتين، فتعلق "أَنْ" إنما هو بهذا الفعل المدلول عليه من حيث ما ذكرناه وقال أبو الحسن في قوله "فرجل وامرأتان" التقدير فليكن رجل وامرأتان وهذا قول حسن، وذلك أنه لما كان قوله "أن تضل إحداهما" لا بد أن يتعلق بفعل، وليس في قوله "فَرَجُلٌ وامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ" فعل ظاهر، جعل المضمر فعلا يرتفع به النكرة ويتعلق به المصدر، وكان هذا أولى من تقدير إضمار المبتدأ الذي هو ممن شهد به رجل وامرأتان، لأن المصدر الذي هو أن تضل إحداهما، لا يجوز أن يتعلق به، لفصل الخبر بين الفعل والمصدر فإن قلت من أي الضريين تكون كان المضمرة في قوله "رَجُلٌ وامْرَأَتَانِ" هل يحتمل أن تكون الناصبة للخبر، أو تكون التامة؟ فالقول في ذلك أن كل واحد منهما يجوز أن يقدر إضماره، فإذا أضمرت الذي يقتضي الخبر كان تقديره إضمار المخبر فليكن ممن يشهدون رجل وامرأتان وإنما جاز إضمار هذه، وإن كان قد قال لا يجوز عبد الله


الصفحة التالية
Icon