ما جاء في التنزيل معطوفاً بالواو والفاء
وثم من غير ترتيب الثاني على الأول
فمن ذلك قوله تعالى "إياك نعبد وإياك نستعين" ألا ترى أن الاستعانة على العبادة قبل العبادة ومن ذلك قوله تعالى "وإذا قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغداً وادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة" وقال عز من قائل في سورة الأعراف "وقولوا حطة وادخلوا الباب سجداً" والقصة قصة واحدة، ولم يبال بتقديم الدخول وتأخيره عن قول الحطة ومثله "فاعفوا واصفحوا" لأن العفو ألا يكون في القلب من ذنب المذنب أثر، والصفح أن يبقى له أثر ما، ولكن لا تقع به المؤاخذة ومن ذلك قوله تعالى "يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين" والسجود قبل الركوع، ولم يبال بتقديم ذكره لما كان بالواو، فوجب أن يجوز تقديم غسل اليد والرجل على غسل الوجه في قوله تعالى "فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين" ومن ذلك قوله تعالى "إنى متوفيك ورافعك إليَّ" والرفع قبل التوفي ومن ذلك قوله تعالى "ووهبنا له إسحاق ويعقوب" إلى قوله "وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً" فأخر لوطا عن إسماعيل وعيسى نظيره في النساء "وعيسى وأيوب ويونس" وعيسى بعد جماعتهم ومن ذلك قوله تعالى "رب موسى وهارون" في الأعراف، وفي طه "برب هارون وموسى" وفي الشعراء أيضاً، فبدأ أولا بموسى ثم قدم هارون في الأخريين ومن ذلك قوله تعالى "فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة" وإمطار احجارة قبل جعل الأسافل أعالي فقدم وأخر الإمطار نظيره في سورة الحجر وقال تعالى "فكيف كان عذابي ونذر" والنذر قبل العذاب وفسر قوله تعالى "فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت" أي وانتفخت لظهور نباتها، فيكون من هذا الباب؛ وفسروها بأضعف نباتها، فلا يكون من هذا الباب


الصفحة التالية
Icon