فمن ذلك قوله تعالى وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادى الرأى ف بادى الرأى، منصوب بقوله اتبعك، وهم لا يجيزون ما أعطيت أحدا درهما إلا زيداً دينارا، وجاز ذا ها هنا؛ لأن بادى ظرف، والظرف تعمل فيه رائحة الفعل وقيل هو نصب على المصدر، أي ابتداء الرأى قلت وذكر الأخفش هذه المسائل وفصل فيها، فقال لو قلت أعطيت القوم الدراهم إلا عمراً الدرهم، لم يجز، ولكن يجوز في النفي ما أعطيت القوم الدراهم إلا عمراً الدرهم فيكون ذلك على البدل؛ لأن البدل لا يحتاج إلى حرف، فلا يعطف بحرف واحد شيئان منفصلان، وكذلك سبيل إلا ومثله وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحى إليهم، إلى قوله بالبينات والزبر، حمله قوم على من قبلك، لأنه ظرف، وحمله آخرون على إضمار فعل دل عليه أرسلنا ومثله ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر، ف بصائر حال من هؤلاء، والتقدير ما أنزل هؤلاء بصائر إلا رب السموات والأرض، جاز فيه ذا لأن الحال تشبه الظرف من وجه فأما قوله وما كان لبشرٍ أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً، فقد تكلمنا فيه غير مرة في كتب شتى