فمن ذلك قوله تعالى ما فعلوه إلا قليلٌ منهم، رفعوا قليلا بالبدل من، الواو، في فعلوه، إلا ابن عامر ومن ذلك قوله ولا يلتفت منكم أحدٌ إلا امرأتك رفعه ابن كثير وأبو عمرو على البدل من أحد ومن ذلك قوله ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم، رفعوا أنفسهم عن آخرهم، على البدل من، شهداء ومنه قوله ومن يغفر الذنوب إلا الله، ف من مبتدأ استفهام بمعنى النفي، وفي يغفر ضمير يعود إلى من وقوله إلا الله رفع بدل من الضمير في يغفر وكأنه قال ما أحد يغفر الذنوب إلا الله فثبت أن نظر شارحكم الجليل في هذا الباب ساقط، حيث قال من مبتدأ، وقوله إلا الله خبره ومثله ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه رفع، بدل من الضمير في يرغب فالاختيار في هذه الأشياء إذا كان بعد النفي أن يكون بدلا مما قبله، عند سيبويه وغيره وقال قوم إذا لم يجز في الاستثناء لفظ الإيجاب لم يجز البدل، فيقولون ما أتاني إلا زيد، على البدل، لأنه يجوز أتاني القوم إلا زيدا، ولا يقولون ما أتاني أحد إلا زيد، لأنه لا يجوز أتاني أحد قال أبو سعيد ولأنه قد أحاط العلم إنا إذا قلنا ما أتاني أحد، فقد دخل فيه القوم وغيرهم، فإنما ذكر بعض ما اشتمل عليه أحدهما يستثنى بعضه وقد احتج عليهم سيبويه ببعض ما ذكرناه، بأن قال كان ينبغي إن قال ذلك أن يقول ما أتاني أحد إلا وقد قال ذاك إلا زيدا، والصواب في ذلك نصب زيد و، ما أتاني أحد إلا قد قال ذاك إلا زيدا؛ لأنك لما قلت ما أتاني أحد إلا قد قال ذاك، صار الكلام موجبا لما استثنى من المنفي، فكأنه قال كلهم قالوا ذاك، فاستثنى زيدا من شيء موجب في الحكم، فنصب، وإنما ذكر هذا لأنه ألزم القائل بما ذكر من جواز ما أتاني أحد إلا زيد، ومنع ما أتاني القوم إلا زيد، فإن قال إن كان يوجب النصب لأن الذي قيل إلا جمع، فقد قال الله تعالى ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم بعد الجمع، وإن كان جواز الرفع والبدل لأن الذي قبل إلا واحد، فينبغي أن يجيزوا الرفع