وأما قوله تعالى "ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه" فإن الكسائي يقول إن "إْن" زائدة، والتقدير في الذي مكناكم فيه والفراء يقول في الذي نمكنكم فيه وإياه اختار أبو علي، وزعم أنه من جهة المعنى واللفظ أقرب فأما المعنى، فلأن قوله "فيما إن مكناكم فيه" في المعنى في قوله "مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم" وكما أن لم نفى بلا إشكال، وكذلك إن، ويبين ذلك قوله "أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها" فهذا كله يدل على أن تمكين من تقدمهم يزيد على تمكينهم، فهذا بمنزلة ما لم نمكن لكم وأما اللفظ فلأن ما موصولة، وأن يزاد بعد ما الموصولة وإنما يزاد بعد النفي في نحو ما إن طبنا جبن والذي جاء من ذلك في الشعر فيما أنشده سيبويه وأبو زيد من قوله
ورج الفتى للخير ما إن رأيته
إنما هو لتشبيه اللفظ فثبت بهذا كله وتحقق أن من تكلم في الجوهر والعرض والجزء الذي يتجزأ أو لا يتجزأ لا يعرف معنى قوله حين لا حين لأن ذاك عقلى وهذا سماعي، وبين ما يكون مبيناً على السماع، وبين ما يكون مبنياً على العقل تفاوت وبون ولولا أني خفت أن تقول بعدي ما لا يحل لك في هذا الكتاب؛ لسقت جميع ما اختلفوا في زيادته في التنزيل في هذا الباب، لكني ذكرتها في مواضع ليكون أحفظ عندك
السادس
ما جاء في التنزيل من الأسماء التي سميت بها الأفعال


الصفحة التالية
Icon