ومن ذلك قوله تعالى "إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون" ف "الَّذِينَ كَفَرُوا " اسم "إِنَّ" بمنزلة المبتدأ "و سَوَاءٌ عَلَيْهِم" ابتداء وقوله "أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ " استفهام بمعنى الخبر في موضع الرفع خبر سواء والتقدير سواء عليهم الإنذار وترك الإنذار والجملة خبر الذين وقوله "لاَ يُؤْمِنُونَ" جملة أخرى خبر بعد خبر، أي إن الذين كفروا فيما مضى يستوي عليهم الإنذار وترك الإنذار، لا يؤمنون في المستقبل وهذا يراد به قوم خاص، كأبي جهل وأصحابه، ممن لم ينفعهم الإيمان، وليس على العموم فإن قلت فإن قوله "أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ " إذا كان خبرا ل سواء فليس في هذه الجملة ما يعود إلى المبتدأ الذي هو سواء، فكيف صح وقوعه خبراً عنه؟ فالجواب أن هذه جملة في تقدير المفرد، على تقدير سواء عليهم الإنذار وترك الإنذار ولو صرح بهذا لم يكن ليحتاج فيه إلى الضمير، فكذا إذا وقع موقعه جملة وقد قوم أن الإنذار، مبتدأ، وترك الإنذار عطف عليه، وسواء خبر والأولى أوجه، ولكنه على هذا المخبر عنه مقدر، وليس في اللفظ وعلى الأول المخبر عنه في اللفظ ومثله "سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون" والتقدير سواء عليكم الدعاء والصموت ويجوز أن يكون هدى خبر مبتدأ مضمر، أي هو هدى لأن سيبويه جوز في المسألة المتقدمة هذا ومن إضمار المبتدأ قوله "وقولوا حطة" والتقدير قولوا مسألتنا حطة؛ أو إرادتنا حطة، فحذف المبتدأ وأما قوله تعالى "قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر" فحمله أبو إسحاق مرة على حذف المبتدأ، أي لا هي فارض ولا بكر وحمله مرة أخرى على أن فارض صفة لبقرة، كما حكاه سيبويه مررت برجل لا فارس ولا شجاع وفي التنزيل "وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة"، فجر مقطوعة صفة ل فاكهة ومن هذا الباب قوله تعالى "بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا" ف أن يكفروا مخصوص بالذم والمخصوص بالمدح


الصفحة التالية
Icon