وكثير من كتب السنة تفرد بابًا خاصًّا بالتفسير، فمثلاً: "جامع الأصول" لابن الأثير(١) خصَّص مجلدًا تقريبًا للمروي عن النبي ﷺ في تفسير القرآن في الكتب الستة، وهي: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، وسنن الترمذي، وسنن النسائي، وموطأ مالك، ولم يستقص؛ بل فرَّق بعضها في مواضع أخرى، وهو قريب من مجلد كامل.
إذًا فقد بيَّن الرسول ﷺ وفسَّر أشياء كثيرة من القرآن الكريم بقوله ولفظه، ومن أمثلة ذلك:
أ- ما جاء في الصحيحين عن كعب بن عجرة في تفسير قوله تعالى: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَرِيضًا أَو بِهِ أَذًى مِن رَأسِهِ فَفِديَةٌ مِن صِيَامٍ أَو صَدَقَةٍ أَو نُسُكٍ) [البقرة: ١٩٦]، فقوله: (مِن صِيَامٍ أَو صَدَقَةٍ أَو نُسُكٍ) يحتاج إلى تفسير، فهو مجمل، ما الصيام؟ ما مقداره؟ ما الصدقة؟ ما النسك؟
قال كعب: "كان بي أذى من رأسي فحُملت إلى رسول الله ﷺ والقمل يتناثر على وجهي، فقال: ما كنت أرى أن الجهد بلغ منك ما أرى، أتجد شاة؟ فقلت: لا، فنزلت هذه الآية: (فَفِديَةٌ مِن صِيَامٍ أَو صَدَقَةٍ أَو نُسُكٍ)، قال: صوم ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، نصف صاع طعامًا لكل مسكين"(٢). فبيَّن عليه الصلاة والسلام تفسير هذه الآية في هذا الحديث.
ب- قوله تعالى: (يَومَ يَأتِي بَعضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا لَم تَكُن آمَنَت مِن قَبلُ أَو كَسَبَت فِي إِيمَانِهَا خَيرًا) [الأنعام: ١٥٨].
(٢) ٥٦)... أخرجه البخاري (١٨١٥)، ومسلم (١٢٠١)، من حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه.