ثم أخَّر الفجر من الغد، حتى انصرف منها والقائل يقول: "قد طلعت الشمس أو كادت"، ثم أخَّر الظهر حتى كان قريبًا من وقت العصر بالأمس، ثم أخَّر العصر حتى انصرف منها والقائل يقول: "قد احمرَّت الشمس"، ثم أخَّر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخَّر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل، فقال: "الوقت بين هذين"(١).
و- ومثله أيضًا: قول الله عز وجل عن السعي بين الصفا والمروة في الحج: (فَلا جُنَاحَ عَلَيهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِما) [البقرة: ١٨٥]، وهذا يدل على أنه لا يحرم السعي بين الصفا والمروة ولا يجب أيضًا، لكن لما فعله ﷺ عُلِم أنه واجب؛ ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها -كما سبق-: "ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته، لم يَطُف بين الصفا والمروة"(٢).
فكل أفعاله وأقواله ﷺ هي بيان للقرآن الكريم؛ ولذلك قال الشافعي رحمه الله: "كل ما حكم به رسول الله ﷺ فهو مما فهمه من القرآن"(٣).
وبذلك نعلم أن القرآن والسنة متلازمان، لا يفترقان إلى يوم القيامة، ولا يُستغنى بأحدهما عن الآخر، وأنه لا يمكن أن نفهم القرآن إلا على ضوء السنة.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا الفقه في كتابه والعمل به، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
* * *
فهرس
الموضوع الصفحة
مقدمة............................................. ٣
الفصل الأول: خصائص القرآن الكريم.......... ٦
الخاصية الأولى: الحفظ........................ ٧
الخاصية الثانية: الشمول والكمال............... ٩
الخاصية الثالثة: الحق المطلق..................... ١٠
الفصل الثاني: عناية الأمة بتفسير القرآن الكريم... ١٤
(٢) ٧٧)... أخرجه البخاري (١٧٩٠)، مسلم (١٢٧٧)، من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
(٣) ٧٨)... انظر: الإتقان (٢/٤٦٧).