اسَتَاهِهِمْ، وَجَعَلُوا يَقُولُونَ: حِنْطَةٌ حَمْرَاءُ فِيهَا شُعَيْرَةٌ (١)، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ الْأَزْدِيِّ، عَنْ أَبِي الكَنود، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ فَقَالُوا: حِنْطَةٌ حَبَّةٌ حَمْرَاءُ فِيهَا شُعَيْرَةٌ (٢)، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾
وَقَالَ أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّهُمْ قَالُوا: "هُطِّي سمعاتا أزبة مزبا" فَهِيَ بِالْعَرَبِيَّةِ: حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَمْرَاءُ مَثْقُوبَةُ (٣) فِيهَا شَعْرَةٌ سَوْدَاءُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ رُكَّعًا مِنْ بَابٍ صَغِيرٍ، فَدَخَلُوا (٤) مِنْ قِبَلِ اسْتَاهِهِمْ، وَقَالُوا: حِنْطَةٌ، فَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾
وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالضَّحَّاكِ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، وَيَحْيَى بْنِ رَافِعٍ.
وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ وَمَا دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ أَنَّهُمْ بَدَّلُوا أَمْرَ (٥) اللَّهِ لَهُمْ مِنَ الْخُضُوعِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، فَأُمِرُوا أَنْ يَدْخُلُوا سُجَّدًا، فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى اسْتَاهِهِمْ مِنْ قِبَلِ اسْتَاهِهِمْ رَافِعِي رُؤُوسِهِمْ، وَأُمِرُوا أَنْ يَقُولُوا: حِطَّةٌ، أَيِ: احْطُطْ عَنَّا ذُنُوبَنَا، فَاسْتَهْزَؤُوا فَقَالُوا: حِنْطَةٌ فِي شَعْرَةٍ (٦). وَهَذَا فِي غَايَةِ مَا يَكُونُ مِنَ الْمُخَالَفَةِ وَالْمُعَانَدَةِ؛ وَلِهَذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِمْ بَأْسَهُ وَعَذَابَهُ بِفِسْقِهِمْ، وَهُوَ خُرُوجُهُمْ عَنْ طَاعَتِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿فَأَنزلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾
وَقَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كُلُّ شَيْءٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ "الرِّجْز" يَعْنِي بِهِ الْعَذَابَ.
وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَأَبِي مَالِكٍ، وَالسُّدِّيِّ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، أَنَّهُ الْعَذَابُ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: الرِّجْزُ الْغَضَبُ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: الرِّجْزُ: إِمَّا الطَّاعُونُ، وَإِمَّا الْبَرْدُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ الطَّاعُونُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا وَكِيع، عَنْ (٧) سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ -يَعْنِي ابْنَ أَبِي وَقَّاصٍ-عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَخُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالُوا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الطَّاعُونُ رجْز عَذَابٌ عُذِّب (٨) بِهِ من كان
(٢) في جـ: "شعرة".
(٣) في جـ: "منقوشة".
(٤) في جـ: "يدخلون".
(٥) في جـ: "بدلوا ما أمر".
(٦) في جـ، أ: "شعيرة".
(٧) في جـ: "حدثنا".
(٨) في أ: "عذب الله".