لِيُحَدِّثَهُ حَدِيثَهُمْ، فَوَجَدَهُ قَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نزلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (١).
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ أَقْبَلَ إِلَى الْيَهُودِ يَوْمًا، فَذَكَرَ نَحْوَهُ. وَهَذَا -أَيْضًا-مُنْقَطِعٌ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عُمَرَ مِثْلَ هَذَا أَوْ نَحْوَهُ، وَهُوَ (٢) مُنْقَطِعٌ أَيْضًا.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ -يَعْنِي الدَّشْتَكي-حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ يَهُودِيًّا أَتَى (٣) عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ الذِي يَذْكُرُ صَاحِبَكُمْ عَدُوٌّ لَنَا. فَقَالَ عُمَرُ: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ﴾ قَالَ: فَنَزَلَتْ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (٤).
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فِي قَوْلِهِ: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ﴾ قَالَ: قَالَتِ الْيَهُودُ لِلْمُسْلِمِينَ: لَوْ أَنَّ مِيكَائِيلَ كَانَ الذِي يَنْزِلُ عَلَيْكُمُ اتَّبَعْنَاكُمْ، فَإِنَّهُ يَنْزِلُ بِالرَّحْمَةِ وَالْغَيْثِ، وَإِنَّ جِبْرِيلَ يَنْزِلُ بِالْعَذَابِ وَالنِّقْمَةِ، فَإِنَّهُ لَنَا عَدُوٌّ (٥) قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْم، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، بِنَحْوِهِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ﴾ قَالَ: قَالَتِ الْيَهُودُ: إِنَّ جِبْرِيلَ عَدُوُّنَا، لِأَنَّهُ يَنْزِلُ بِالشِّدَّةِ والسَّنَة، وَإِنَّ مِيكَائِيلَ يَنْزِلُ بِالرَّخَاءِ وَالْعَافِيَةِ وَالْخِصْبِ، فَجِبْرِيلُ عَدُوُّنَا. فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ﴾ [الْآيَةَ] (٦).
وَأُمًّا تفسير الآية فَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نزلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ أَيْ: مَنْ عَادَى جِبْرِيلَ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ الرُّوحُ الْأَمِينُ الذِي نَزَلَ بِالذِّكْرِ الْحَكِيمِ عَلَى قَلْبِكَ مِنَ اللَّهِ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَهُوَ رَسُولٌ مِنْ رُسُلِ اللَّهِ مَلَكي [عَلَيْهِ وَعَلَى سَائِرِ إِخْوَانِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ السَّلَامُ] (٧) وَمَنْ عَادَى رَسُولًا فَقَدْ عَادَى جَمِيعَ الرُّسُلِ، كَمَا أَنَّ مَنْ آمَنَ بِرَسُولٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِيمَانُ بِجَمِيعِ الرُّسُلِ، وَكَمَا أَنَّ مَنْ كَفَرَ بِرَسُولٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْكُفْرُ بِجَمِيعِ الرُّسُلِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا* أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾ [النِّسَاءِ: ١٥٠، ١٥١] فَحَكَمَ عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ الْمُحَقَّقِ، إذْ آمَنُوا بِبَعْضِ الرُّسُلِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِمْ (٨) وَكَذَلِكَ مَنْ عادى جبريل فإنه عدو لله؛
(٢) في أ: "وهذا".
(٣) في جـ، ط، ب، أ، و: "لقي".
(٤) تفسير ابن أبي حاتم (١/ ٢٩١) وهذا منقطع، ابن أبي ليلي لم يدرك عمر.
(٥) في جـ: "فإنه عدونا".
(٦) زيادة من جـ.
(٧) زيادة من جـ.
(٨) في أ: "وكفروا ببعض".