مِنْ هَذَا وَلَا هَذَا، فَهُوَ مَسْتُورُ الْحَالِ (١) وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرُوِيَ لَهُ مُتَابِعٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ نَافِعٍ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْدُويه: حَدَّثَنَا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ [بْنُ عَلِيِّ بْنِ هِشَامٍ] (٢) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَرْجِس، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ. فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ -وَهُوَ سُنَيْدُ بْنُ دَاوُدَ صَاحِبُ التَّفْسِيرِ-حَدَّثَنَا الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: سَافَرْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ: يَا نَافِعُ، انْظُرْ، طَلَعَتِ الْحَمْرَاءُ؟ قُلْتُ: لَا -مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا-ثُمَّ قُلْتُ: قَدْ طَلَعَتْ. قَالَ: لَا مَرْحَبًا بِهَا وَلَا أَهْلًا؟ قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! نَجْمٌ مُسَخَّرٌ سَامِعٌ مُطِيعٌ. قَالَ: مَا قُلْتُ لَكَ إِلَّا مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -أَوْ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم-: "إن الْمَلَائِكَةَ قَالَتْ: يَا رَبِّ، كَيْفَ صَبْرُكَ عَلَى بَنِي آدَمَ فِي الْخَطَايَا (٣) وَالذُّنُوبِ؟ قَالَ: إِنِّي ابْتَلَيْتُهُمْ وَعَافِيَتُكُمْ. قَالُوا: لَوْ كُنَّا مَكَانَهُمْ مَا عَصَيْنَاكَ. قَالَ: فَاخْتَارُوا مَلَكَيْنِ مِنْكُمْ. قَالَ: فَلَمْ يَأْلُوا جُهْدًا أَنْ يَخْتَارُوا، فَاخْتَارُوا هَارُوتَ وَمَارُوتَ" (٤).
وَهَذَانِ -أَيْضًا-غَرِيبَانِ جِدًّا. وَأَقْرَبُ مَا فِي هَذَا أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، لَا عَنِ النَّبِيِّ (٥) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ (٦) ذَكَرَتِ الْمَلَائِكَةُ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ، وَمَا يَأْتُونَ مِنَ الذُّنُوبِ، فَقِيلَ لَهُمُ: اخْتَارُوا مِنْكُمُ اثْنَيْنِ، فَاخْتَارُوا هَارُوتَ وَمَارُوتَ. فَقَالَ (٧) لَهُمَا: إِنِّي أُرْسِلُ إِلَى بَنِي آدَمَ رُسُلًا وَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ رَسُولٌ، انْزِلَا لَا تُشْرِكَا بِي شَيْئًا وَلَا تَزْنِيَا وَلَا تَشْرَبَا الْخَمْرَ. قَالَ كَعْبٌ: فَوَاللَّهِ مَا أَمْسَيَا مِنْ يَوْمِهِمَا الذِي أُهْبِطَا فِيهِ حَتَّى اسْتَكْمَلَا جَمِيعَ مَا نُهِيَا عَنْهُ.
وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقَيْنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، بِهِ (٨).
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِصَامٍ، عَنْ مُؤَمَّل، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، بِهِ (٩).
وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الْمُعَلَى -وَهُوَ ابْنُ أَسَدٍ-حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ يُحَدِّثُ، عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، فَذَكَرَهُ (١٠).
فَهَذَا أَصَحُّ وَأَثْبَتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِنَ الْإِسْنَادَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ، وَسَالِمٌ أَثْبَتُ فِي أبيه من مولاه
(٢) زيادة من جـ، ط، و.
(٣) في ط، ب: "الخطأ".
(٤) تفسير الطبري (٢/٤٣٣).
(٥) في جـ: "رسول الله".
(٦) في ط: "وقال".
(٧) في جـ، ط، ب، و: "فقيل".
(٨) تفسير عبد الرزاق (١/ ٧٣، ٧٤). وتفسير الطبري (٢/٤٢٩).
(٩) تفسير ابن أبي حاتم (١/ ٣٠٦).
(١٠) تفسير الطبري (٢/ ٤٣٠).