تُمَارُوا، فَإِنَّ مِرَاءً فِيهِ كُفْرٌ" (١). هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ عَلَى الشَّكِّ (٢) وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى الصَّوَابِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، أَخْبَرَنِي بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو جُهَيْمٍ؛ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَلَفَا فِي آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَقَالَ هَذَا: تَلَقَّيْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ هَذَا: تَلَقَّيْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " الْقُرْآنُ يُقْرَأُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَلَا تُمَارُوا فِي الْقُرْآنِ، فَإِنَّ مِرَاءً فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ " (٣). وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ -أَيْضًا-وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ بُسْرِ (٤) بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ -مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ-أَنَّ رَجُلًا قَرَأَ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو -يَعْنِي ابْنَ الْعَاصِ-: إِنَّمَا هِيَ كَذَا وَكَذَا، بِغَيْرِ مَا قَرَأَ الرَّجُلُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: هَكَذَا أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [فَخَرَجَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (٥) حَتَّى أَتَيَاهُ، فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَأَيُّ ذَلِكَ قَرَأْتُمْ أَصَبْتُمْ، فَلَا تَمَارُوا فِي الْقُرْآنِ، فَإِنَّ مِرَاءً فِيهِ كُفْرٌ " (٦). وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ بُسْرِ (٧) بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِهِ نَحْوَهُ، وَفِيهِ: "فَإِنَّ الْمِرَاءَ فِيهِ كُفْرٌ أَوْ إِنَّهُ الْكُفْرُ بِهِ (٨) ". وَهَذَا -أَيْضًا-حَدِيثٌ جَيِّدٌ (٩).
حَدِيثٌ آخَرُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " كَانَ الْكِتَابُ الْأَوَّلُ نَزَلَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَعَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ مِنْ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ وَعَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ: زَاجِرٌ، وَآمِرٌ، وَحَلَالٌ، وَحَرَامٌ، وَمُحْكَمٌ، وَمُتَشَابِهٌ، وَأَمْثَالٌ، فَأَحِلُّوا حَلَالَهُ، وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ، وَافْعَلُوا مَا أُمِرْتُمْ بِهِ، وَانْتَهُوا عَمَّا نُهِيتُمْ عَنْهُ، وَاعْتَبِرُوا بِأَمْثَالِهِ، وَاعْمَلُوا بِمُحْكَمِهِ، وَآمِنُوا بِمُتَشَابِهِهِ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ من عند ربنا" (١٠). ثم رواه عن أبي كُرَيْب عَنِ الْمُحَارِبِيِّ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ كَلَامِهِ (١١) وَهُوَ أَشْبَهُ (١٢). وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(٢) قال الشيخ أحمد شاكر في حاشيته على الطبري (١/ ٤٤) :"قوله: على الشك، إنما للحديث طريقان: الأول: إسماعيل بن جعفر يرويه عن يزيد عن مسلم بن سعيد، وسليمان يرويه عن يزيد عن بسر - أخو مسلم، فأشار أبو عبيد أثناء الإسناد إلى الرواية الأخرى دون أن يذكر إسنادهما".
(٣) المسند (٤/ ١٧٠).
(٤) في جـ: "بشر".
(٥) زيادة من جـ، طـ.
(٦) فضائل القرآن (ص ٢٠٢).
(٧) في جـ: "بشر".
(٨) في ط: "آية الكفر".
(٩) المسند (٤/ ٢٠٤).
(١٠) تفسير الطبري (١/ ٦٨).
(١١) تفسير الطبري (١/ ٦٩).
(١٢) قال الشيخ أحمد شاكر: "وهو الصحيح، حيث صرح بذلك الطبري بقوله: وروى عن ابن مسعود من قبله، أما الإسناد السابق فقد قال ابن عبد البر: حديث لا يثبت؛ لأنه من رواية أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ مسعود، ولم يلق ابن مسعود".