وَهَكَذَا رَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرو بْنِ مُرّة، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، بِهِ (١).
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا سَوَيْدٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ لَهِيعة، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ جُبَيْرٍ -مَوْلَى بَنِي سَلِمَةَ -أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ النَّاسُ فِي رَمَضَانَ إِذَا صَامَ الرَّجُلُ فأمسَى فَنَامَ، حُرّم عَلَيْهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَالنِّسَاءُ حَتَّى يُفْطِرَ مِنَ الْغَدِ. فَرَجَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ سَمَرَ عِنْدَهُ، فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ نَامَتْ، فَأَرَادَهَا، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ نِمْتُ! فَقَالَ: مَا نِمْتِ! ثُمَّ وَقَعَ بِهَا. وَصَنَعَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ مِثْلَ ذَلِكَ. فَغَدَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ﴾ [الْآيَةَ] (٢) (٣).
وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالسُّدِّيِّ، وَقَتَادَةَ، وَغَيْرِهِمْ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَمَنْ صَنَعَ كَمَا صَنَعَ، وَفِي صِرْمة بْنِ قَيْسٍ؛ فَأَبَاحَ الجماعَ وَالطَّعَامَ وَالشَّرَابَ فِي جَمِيعِ اللَّيْلِ رَحْمَةً وَرُخْصَةً وَرِفْقًا.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ (٤) وَأَنَسٌ، وشُرَيح الْقَاضِي، وَمُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعَطَاءٌ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَالسُّدِّيُّ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتْبَةَ (٥) وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمْ: يَعْنِي الْوَلَدَ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: ﴿وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ يَعْنِي: الْجِمَاعُ.
وَقَالَ عَمْرو بْنُ مَالِكٍ النَّكْري، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ قَالَ: لَيْلَةَ الْقَدْرِ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر قَالَ: قَالَ قَتَادَةُ: وَابْتَغَوُا الرُّخْصَةَ التِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ. وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ يَقُولُ: مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: كَيْفَ تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَابْتَغُوا﴾ أَوْ: "اتَّبِعُوا"؟ قَالَ: أَيَّتُهُمَا شِئْتَ: عَلَيْكَ بِالْقِرَاءَةِ الْأُولَى.
وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ الْآيَةَ أَعَمُّ مِنْ هَذَا كُلِّهِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ أَبَاحَ تَعَالَى الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ، مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إِبَاحَةِ الْجِمَاعِ فِي أَيِّ اللَّيْلِ شَاءَ الصائمُ إِلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ ضياءُ الصَّبَاحِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ، وَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالْخَيْطِ الْأَبْيَضِ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ، وَرَفَعَ اللَّبْسَ بِقَوْلِهِ: ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا ابن أبي
(٢) زيادة من جـ، أ، و.
(٣) تفسير الطبري (٣/٤٩٦).
(٤) في جـ: "قال الزهري عن ابن عباس".
(٥) في أ: "عيينة"، وفي و: "عتيبة".