عَائِشَةَ! مَرْحَبًا مَرْحَبًا. فَأَذِنُوا لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكِ (١) عَنْ شَيْءٍ، وَأَنَا أَسْتَحِي. فَقَالَتْ: إِنَّمَا أَنَا أُمُّكَ، وَأَنْتَ ابْنِي. فَقَالَ: مَا لِلرَّجُلِ مِنَ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَالَتْ: لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا فَرْجَهَا (٢).
وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ حُمَيْدِ بْنِ مَسْعَدَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَوْشن، عَنْ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنَ امْرَأَتِهِ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا؟ قَالَتْ: كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْجِمَاعَ.
وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ، وَعِكْرِمَةَ.
وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا، عَنْ أَبِي كُرَيْب، عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْران، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَهُ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ.
قُلْتُ: وَتَحُلُّ مُضَاجَعَتَهَا وَمُؤَاكَلَتَهَا بِلَا خِلَافٍ. قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنِي فَأَغْسِلُ رَأْسَهُ وَأَنَا حَائِضٌ، وَكَانَ يَتَّكِئُ فِي حِجْرِي وَأَنَا حَائِضٌ، فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ (٣). وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَتَعَرَّقُ العَرْق وَأَنَا حَائِضٌ، فَأُعْطِيهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَضَعُ فَمَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعْتُ فَمِي فِيهِ، وَأَشْرَبُ الشَّرَابَ فَأُنَاوِلُهُ، فَيَضَعُ فَمَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كُنْتُ أَشْرَبُ (٤).
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّد، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ جَابِرِ بْنِ صُبْح (٥) سَمِعْتُ خِلَاسًا الهَجَري قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: كُنْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيتُ فِي الشِّعَارِ الْوَاحِدِ، وَإِنِّي حَائِضٌ طَامِثٌ، فَإِنْ أَصَابَهُ مِنِّي شَيْءٌ، غَسَلَ مَكَانَهُ لَمْ يَعْدُه، وَإِنْ أَصَابَ -يَعْنِي ثَوْبَهُ -شَيْءٌ غَسَلَ مَكَانَهُ لَمْ يَعْدُه، وَصَلَّى فِيهِ (٦).
فَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ -يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ -عَنْ أَبِي الْيَمَانِ، عَنْ أُمِّ ذَرَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا قَالَتْ: كنتُ إِذَا حضْتُ نَزَلْتُ عَنِ المثَال عَلَى الْحَصِيرِ، فَلَمْ نَقْرَبْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ نَدْنُ مِنْهُ حَتَّى نَطْهُرَ (٧) -فَهُوَ مَحْمُولٌ (٨) عَلَى التَّنَزُّهِ وَالِاحْتِيَاطِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا تَحِلُّ لَهُ مُبَاشَرَتُهَا فِيمَا عَدَا مَا تَحْتَ الْإِزَارِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةِ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ (٩) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ أَمَرَهَا فَاتَّزَرَتْ وَهِيَ حَائِضٌ (١٠). وَهَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ. وَلَهُمَا عَنْ عَائِشَةَ نَحْوُهُ (١١).
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حديث العلاء بن الحارث، عن حزام
(٢) تفسير الطبري (٤/٣٧٨).
(٣) رواه مسلم في صحيحه برقم (٢٩٧).
(٤) صحيح مسلم برقم (٣٠٠).
(٥) في جـ، أ، و: "صبيح".
(٦) سنن أبي داود برقم (٢٦٩).
(٧) سنن أبي داود برقم (٢٧١).
(٨) في جـ: "فمحمول".
(٩) في جـ: "كان رسول الله".
(١٠) صحيح البخاري برقم (٣٠٣) وصحيح مسلم برقم (٢٩٤).
(١١) صحيح البخاري برقم (٣٠٠) وصحيح مسلم برقم (٢٩٣).