وَقَّاصٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ بِحَرْفٍ، فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا، وَتَغَنَّوْا بِهِ، فَمَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِهِ فَلَيْسَ مِنَّا " (١).
وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيع، حَدَّثَنَا سَعِيدُ (٢) بْنُ حَسَّانٍ الْمَخْزُومِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَهِيكٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ " (٣). [قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي: يَسْتَغْنِي بِهِ] (٤).
وَرَوَاهُ (٥) أَيْضًا عَنِ الْحَجَّاجِ وَأَبِي النَّضْرِ، كِلَاهُمَا عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَعَنْ سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ بِهِ (٦). وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ كَلَامٌ طَوِيلٌ يَتَعَلَّقُ بِسَنَدِهِ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْوَرْدِ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكة، يَقُولُ: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ: مَرَّ بِنَا أَبُو لُبَابة فاتَّبعناه حَتَّى دَخَلَ بَيْتَهُ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَإِذَا رَجُلٌ رَثُّ الْبَيْتِ، رَثُّ الْهَيْئَةِ، فَانْتَسَبْنَا لَهُ، فَقَالَ: تُجَّارٌ كَسَبَةٌ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ ". قَالَ: فَقُلْتُ لِابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَرَأَيْتَ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَسَنَ الصَّوْتِ قَالَ: يُحَسِّنْهُ مَا اسْتَطَاعَ. تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ (٧).
فَقَدْ فُهِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ السَّلَفَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، إِنَّمَا فَهِمُوا مِنْ التَّغَنِّي بِالْقُرْآنِ: إِنَّمَا هُوَ تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِهِ، وَتَحْزِينُهُ، كَمَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ -أَيْضًا-مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ حَيْثُ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجة، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ " (٨).
وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ طَلْحَةَ وَهُوَ ابْنُ مُصَرِّفٍ بِهِ (٩).
وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ أُخَرَ عَنْ طَلْحَةَ (١٠) وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ.
وَقَدْ وَثَّقَ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْسَجَةَ هَذَا، وَنَقَلَ الْأَزْدِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ عَنْهُ بِالْمَدِينَةِ، فَلَمْ أَرَهُمْ يَحْمَدُونَهُ (١١).
(٢) في ط، م: "سفيان".
(٣) المسند (٥/ ١٧٢).
(٤) زيادة من جـ، ط.
(٥) في ط: "ورواه أحمد".
(٦) المسند (١/ ١٧٥، ١٧٩).
(٧) سنن أبي داود برقم (١٤٧١).
(٨) سنن أبي داود برقم (١٤٦٨).
(٩) سنن النسائي (٢/ ١٧٩) وسنن ابن ماجة برقم (١٣٤٢).
(١٠) سنن النسائي (٢/ ١٧٩).
(١١) وانظر: تهذيب الكمال للمزي (١٧/ ٣٢٢) وابن حجر -رحمه الله- اختار توثيقه في التقريب.