[بِهِ] (١) غِنَاءً " وَذَكَرَ خَصْلَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ (٢).
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ عَابِسٍ الْغِفَارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ أَوْ نَحْوَهُ. وَحَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِهَذِهِ الْأَلْحَانِ الَّتِي أَحْدَثَ النَّاسُ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ (٣).
هَذِهِ طُرُقٌ حَسَنَةٌ فِي بَابِ التَّرْهِيبِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَحْذُورٌ كَبِيرٌ، وَهُوَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِالْأَلْحَانِ الَّتِي يُسْلَكُ بِهَا مَذَاهِبَ الْغِنَاءِ، وَقَدْ نَصَّ الْأَئِمَّةُ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ، عَلَى النَّهْيِ عَنْهُ، فَأَمَّا إِنْ خَرَجَ بِهِ إِلَى التَّمْطِيطِ الْفَاحِشِ الَّذِي يَزِيدُ بِسَبَبِهِ حَرْفًا أَوْ يَنْقُصُ حَرْفًا، فَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَخْنَسِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ " (٤).
ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهُ لِأَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا عَلَى ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ فِيهِ، فَرَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ الْوَرْدِ عَنْهُ عَنْ أَبِي لُبَابَةَ، وَرَوَاهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَاللَّيْثُ عَنْهُ عَنْ أَبِي نَهِيك عَنْ سَعْدٍ، وَرَوَاهُ عَسْل بْنُ سُفْيَانَ عَنْهُ، عَنْ عَائِشَةَ (٥) وَرَوَاهُ نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عمر عنه، عن ابن الزبير (٦).

(١) زيادة من ط.
(٢) فضائل القرآن (ص ٨١) والخصلتين هما: إمرة السفهاء، وكثرة الشرط.
(٣) فضائل القرآن (ص ٨١).
(٤) مسند البزار برقم (٢٣٣٢) "كشف الأستار".
(٥) رواه البزار في مسنده برقم (٢٣٣٤) "كشف الأستار" والحاكم في المستدرك (١/ ٥٧٠) وقال الحاكم: "إسناده شاذ".
(٦) رواه البزار في مسنده برقم (٢٣٣٥) "كشف الأستار".

اغْتِبَاطُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ: " لَا حَسَدَ إِلَّا فِي (١) اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْكِتَابَ فَقَامَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَرَجُلٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يَتَصَدَّقُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ " (٢).
انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَاتَّفَقَا عَلَى إِخْرَاجِهِ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ (٣) ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ ذَكْوان، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ"، فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ فَقَالَ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلَانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ، "وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الْحَقِّ"، فَقَالَ رَجُلٌ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلَانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ" (٤).
وَمَضْمُونُ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ: أَنَّ صَاحِبَ الْقُرْآنِ فِي غِبْطَةٍ وَهُوَ حَسَنُ الْحَالِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يكون شديد
(١) في جـ، ط: "على".
(٢) صحيح البخاري برقم (٥٠٢٥).
(٣) صحيح البخاري برقم (٧٥٢٩) وصحيح مسلم برقم (٨١٥).
(٤) صحيح البخاري برقم (٥٠٢٦).


الصفحة التالية
Icon