سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (١) " تَعَلَّمُوا كِتَابَ اللَّهِ، وَتَعَاهَدُوهُ وَتَغَنَّوْا بِهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الْمَخَاضِ فِي الْعُقُلِ " (٢).
وَمَضْمُونُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ التَّرْغِيبُ فِي كَثْرَةِ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَاسْتِذْكَارِهِ وَتَعَاهُدِهِ؛ لِئَلَّا يُعَرِّضَهُ حَافِظُهُ لِلنِّسْيَانِ (٣) فَإِنَّ ذَلِكَ خَطَرٌ كَبِيرٌ، نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ فَائِدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: " ما من أمير عشرة إلا وَيُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولًا لَا يَفُكُّهُ عَنْ ذَلِكَ الْغُلِّ إِلَّا الْعَدْلُ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَنَسِيَهُ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَلْقَاهُ وَهُوَ أَجْذَمُ " (٤).
هَكَذَا رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، كَمَا رَوَاهُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (٥). وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ فَائِدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِصَّةِ نِسْيَانِ الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الرَّجُلَ الْمُبْهَمَ (٦).
وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، وَقَدْ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ يَزِيدَ فَوَهِمَ فِي إِسْنَادِهِ، وَرَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ أَصْحَابِهِ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عِيسَى بْنِ فَائِدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا. وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَقَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ فائد، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا مِنْ أَمِيرِ عَشَرَةٍ إِلَّا يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولًا لَا يَفُكُّهُ مِنْهَا إِلَّا عَدْلُهُ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَجْذَمَ " (٧).
وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، فَفِيهِ اخْتِلَافٌ، لَكِنَّ هَذَا فِي بَابِ التَّرْهِيبِ مقبول -والله أعلم-لاسيما إِذَا كَانَ لَهُ شَاهِدٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ.
حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: حُدثت عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى الْقَذَاةُ وَالْبَعْرَةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَكْبَرَ مِنْ آيَةٍ أَوْ سُورَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أُوتِيَهَا رَجُلٌ فَنَسِيَهَا ". قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وحُدّثت عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ أَكْبَرَ ذَنْبٍ تُوَافِي بِهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ سُورَةٌ مِنْ كتاب الله أوتيها رجل فنسيها " (٨).
(٢) المسند (٤/ ١٤٦).
(٣) في ط: "إلى النسيان".
(٤) المسند (٥/ ٣٨٥).
(٥) رواه أبو عبيد في الفضائل (ص ١٠٣) من طريق جرير، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (١٠/ ٤٧٨) من طريق ابن فضيل.
(٦) سنن أبي داود برقم (١٤٧٤).
(٧) المسند (٥/ ٣٢٣).
(٨) فضائل القرآن (ص ١٠٣).