عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ تَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ (١).
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ، فَإِنَّ الطَّيِّبَ بْنَ سُلَيْمَانَ هَذَا بَصْرِيٌّ، ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَلَيْسَ هُوَ بِذَاكَ الْمَشْهُورِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ كَرِهَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي عُبَيْدٍ وَإِسْحَاقَ وَابْنِ رَاهَوَيْهِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْخَلَفِ -أَيْضًا-قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُقْرَأَ الْقُرْآنُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ (٢). صَحِيحٌ.
وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمة، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: [قَالَ] (٣) عَبْدُ اللَّهِ: مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ فَهُوَ رَاجِزٌ. وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ شعبة، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ سَوَاءً (٤).
وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَان، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي رَمَضَانَ فِي ثَلَاثٍ (٥). إِسْنَادُهُ صَحِيحُ.
وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ مَرْفُوعًا: "اقرؤوا الْقُرْآنَ، وَلَا تَغْلُوا فِيهِ، وَلَا تَجْفُوَا عَنْهُ، وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ، وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ" (٦).
فَقَوْلُهُ: "لَا تَغْلُوا فِيهِ" أَيْ: لَا تُبَالِغُوا فِي تِلَاوَتِهِ بِسُرْعَةٍ فِي أَقْصَرِ مُدَّةٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُنَافِي التَّدَبُّرَ غَالِبًا؛ وَلِهَذَا قَابَلَهُ بِقَوْلِهِ: "وَلَا تجفوا عنه" أي: لا تتركوا تلاوته.
(٢) فضائل القرآن (ص ٨٩).
(٣) زيادة من ط.
(٤) فضائل القرآن (ص ٨٩).
(٥) فضائل القرآن (ص ٩٠).
(٦) المسند (٣/ ٤٢٨) من طريق زيد بن سلام عن جده عن أبي راشد عن عبد الرحمن بن شبل به مرفوعا، وقال الحافظ ابن حجر: "سنده قوي".
فَصْلٌ
وَقَدْ تَرَخَّصَ جَمَاعَةٌ (١) مِنَ السَّلَفِ فِي تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ؛ مِنْهُمْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ خَصيفة، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عُثْمَانَ التَّيْمِيَّ عَنْ صَلَاةِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدٍ (٢) فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ عَنْ صَلَاةِ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ: قُلْتُ: لَأُعْلِيَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى الْحَجَرِ، فَقُمْتُ، فَلَمَّا قُمْتُ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ مُقَنَّعٍ يَزْحَمُنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَتَأَخَّرْتُ عَنْهُ، فَصَلَّى فَإِذَا هُوَ يَسْجُدُ سُجُودَ الْقُرْآنِ، حَتَّى إِذَا قُلْتُ: هَذِهِ هَوَادِي الْفَجْرِ، أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ لَمْ يصل غيرها (٣). وهذا إسناد
(٢) في ط: "عبيد الله".
(٣) فضائل القرآن (ص ٩٠).