وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَطَلْحَةُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَّرَّاحِ فِي سَبْعِينَ رَجُلًا فَسَارُوا فِي طَلَبِ أَبِي سُفْيَانَ، فَطَلَبُوا حَتَّى بَلَغُوا الصَّفْرَاءَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ [عَزَّ وَجَلَّ] (١) ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ [الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ] ﴾ (٢) (٣).
ثُمَّ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى انْتَهَى إِلَى حَمْرَاءِ الْأَسَدِ، وَهِيَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنُ أُمِّ مَكْتوم فَأَقَامَ بِهَا الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَقَدْ مَر بِهِ -كَمَا حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ-مَعْبَدُ بْنُ أَبِي مَعْبد الْخُزَاعِيُّ، وَكَانَتْ خُزاعة -مُسْلِمُهُمْ وَمُشْرِكُهُمْ-عَيْبَةَ نُصح لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتِهامة، صَفْقَتُهم مَعَهُ، لَا يُخْفُونَ عَنْهُ شَيْئًا كَانَ بِهَا، وَمَعْبَدٌ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ عَزّ عَلَيْنَا مَا أَصَابَكَ فِي أَصْحَابِكَ، ولوَددْنا أَنَّ اللَّهَ عَافَاكَ فِيهِمْ. ثُمَّ خَرَجَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَمْرَاءِ الْأَسَدِ، حَتَّى لَقِيَ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ وَمِنْ مَعَهُ بالرَّوحاء، وَقَدْ أَجْمَعُوا الرَّجْعَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَقَالُوا: أَصَبْنَا حَد أَصْحَابِهِ وَقَادَتِهِمْ وَأَشْرَافِهِمْ، ثُمَّ نَرْجِعُ قَبْلَ أَنْ نَسْتَأْصِلَهُمْ.. لنُكرّنَّ عَلَى بَقِيَّتِهِمْ فَلَنَفْرُغَنَّ مِنْهُمْ. فَلَمَّا رَأَى أَبُو سُفْيَانَ مَعْبَدًا قَالَ: مَا وَرَاءَكَ يَا مَعْبَدُ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ قَدْ خَرَجَ فِي أَصْحَابِهِ يَطْلُبُكُمْ فِي جَمْع لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ، يَتَحَرَّقُونَ عَلَيْكُمْ تَحْرُّقَا، قَدِ اجْتَمَعَ مَعَهُ مَنْ كَانَ تَخَلَّفَ عَنْهُ فِي يَوْمِكُمْ، وَنَدِمُوا عَلَى مَا صَنَعُوا، فِيهِمْ مِنَ الحَنَق عَلَيْكُمْ شَيْءٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ. قَالَ: وَيْلَكَ. مَا تَقَوُلُ؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ تَرْتَحِلَ (٤) حَتَّى تَرَى نَوَاصِيَ الْخَيْلِ -قَالَ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَجْمَعْنَا الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ لِنَسْتَأْصِلَ بَقِيَّتَهُمْ. قَالَ: فَإِنِّي أَنْهَاكَ عَنْ ذَلِكَ. وَوَاللَّهِ لَقَدْ حَمَلَنِي مَا رَأَيْتُ عَلَى أَنْ قُلْتُ فِيهِمْ أَبْيَاتًا مِنْ شِعْرٍ، قَالَ: وَمَا قُلْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ:
كادَتْ تُهدُّ منَ الْأَصْوَاتِ رَاحلتي... إذْ سَالَت الأرضُ بالجُرْدِ الْأَبَابِيلِ...

فَظَلْتُ عَدْوا أظُنُّ الْأَرْضَ مَائِلَةً... لَمَّا سَمَوا بَرَئِيسٍ غَيْرِ مَخْذول...
فقلتُ: إِنِّي نَذِيرٌ لِأَهْلِ البَسْل ضَاحيَةً... لِكُلِّ ذِي إرْبَة مِنْهُمْ وَمَعْقُولُ...
مِنْ جَيْش أحمدَ لَا وَخْشٍ تَنَابِلة... وَلَيْسَ يُوصف مَا أَنْذَرْتُ بِالْقِيلِ...
تَرْدى بأسْدٍ كِرَامٍ لَا تَنَابلة عنْد اللِّقَاءِ وَلَا مِيلٍ مَعَازيل (٥)
وَيْلُ ابْنِ حَرْب مِنْ لقائكُمُ إِذَا تَغَطْمَطَت الْبَطْحَاءُ بِالْجِيلِ (٦)
قَالَ: فَثَنَى ذَلِكَ أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ.
وَمَرَّ بِهِ رَكْبٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: نريدُ المدينة. قال: ولم؟ قالوا:
(١) زيادة من أ.
(٢) زيادة من جـ، ر، أ، و، وفي هـ: "الآية".
(٣) تفسير الطبري (٧/٤٠٢).
(٤) في أ: "ترحل".
(٥) في ر: "مغازيل".
(٦) في و: "بالخيل".


الصفحة التالية
Icon