وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "لَا يُمنَع فَضْلُ الماءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ" (١) وَفِيهِمَا عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "ثَلَاثَةٌ لَا ينظرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزكِّيهم وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بالفَلاةِ يَمْنَعُهُ ابْنَ السَّبيل"، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ (٢).
وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، مِنْ حَدِيثُ عَمْرو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: "مَنْ مَنَعَ فَضْلَ الماءِ وفَضْلَ الكَلأ مَنَعَهُ اللَّهُ فَضْلَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (٣).
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَنَبَة (٤) الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا أُخِذ عَلَى النِّساء مِنَ الْكَبَائِرِ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: يَعْنِي (٥) قَوْلَهُ: ﴿عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ [وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ] (٦) ﴾ الْآيَةَ [الْمُمْتَحِنَةِ: ١٢].
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ مِخْراق، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّة قَالَ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا قَالَ: لَمْ أَرَ مِثْلَ الَّذِي بَلَغَنَا عَنْ رَبِّنَا تَعَالَى (٧) ثُمَّ (٨) لَمْ نَخْرُجْ لَهُ عَنْ كُلِّ أَهْلٍ وَمَالٍ. ثُمَّ سَكَتَ هُنية (٩) ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَمَا كَلَّفَنَا (١٠) رَبُّنَا أَهْوَنُ مِنْ ذَلِكَ، لَقَدْ تَجَاوَزَ لَنَا عَمَّا دُونَ الْكَبَائِرِ، فَمَا لَنَا وَلَهَا، ثُمَّ تَلَا ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ [نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا] (١١) ﴾.
أَقْوَالُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ:
رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ، مِنْ حَدِيثِ الْمُعْتَمِرِ (١٢) بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: ذَكَرُوا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْكَبَائِرَ فَقَالُوا: هِيَ سَبْعٌ، فَقَالَ: هِيَ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعٍ وَسَبْعٍ. قَالَ سُلَيْمَانُ: فَمَا أَدْرِي كَمْ قَالَهَا مِنْ مَرَّةٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا قُبَيْصَة، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا السَّبْعُ الْكَبَائِرُ؟ قَالَ: هِيَ إِلَى السَّبْعِينَ أَقْرَبُ مِنْهَا إِلَى السَّبْعِ.
وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ الْكَبَائِرَ السَّبْعَ الَّتِي ذَكَرَهُنَّ (١٣) اللَّهُ؟ مَا هُنَّ؟ قَالَ: هُنَّ إِلَى السَّبْعِينَ أَدْنَى مِنْهُنَّ إِلَى سَبْعٍ (١٤).
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: الْكَبَائِرُ سَبْعٌ؟ قَالَ: هُنَّ إِلَى السَّبْعِينَ أَقْرَبُ، وَكَذَا قَالَ أبو العالية الرياحي، رحمه الله.
(٢) صحيح البخاري برقم (٢٣٥٨) وصحيح مسلم برقم (١٠٨) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) المسند (٢/١٧٩).
(٤) في جـ، د، ر، أ، "شيبة".
(٥) في أ: "تعنى".
(٦) زيادة من جـ، ر، أ.
(٧) في جـ: "عز وجل".
(٨) في أ: "فقال: ثم".
(٩) في د، أ: "هنيهة".
(١٠) في ر: "ما خلقنا".
(١١) زيادة من جـ، ر، أ، وفي هـ: "الآية".
(١٢) في جـ، ر: "معتمر".
(١٣) في د: "ذكرها".
(١٤) في أ: "السبع".