عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: اللَّمْسُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ.
وَقَدْ رَوَاهُ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِمِثْلِهِ. وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الْقُبْلَةُ مِنَ الْمَسِّ، وَفِيهَا الْوُضُوءُ.
وَقَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيد اللَّهِ (١) بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَوَضَّأُ مِنْ قُبْلَةِ الْمَرْأَةِ، وَيَرَى (٢) فِيهَا الْوُضُوءَ، وَيَقُولُ: هِيَ مِنَ اللِّمَاسِ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: اللَّمْسُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ورُوي عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعُبَيْدَةَ، وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدي وَأَبِي عُبَيْدَةَ -يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ-وَعَامِرٍ الشَّعْبي، وَثَابِتِ بْنِ الحجَّاج، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعي، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ نَحْوُ ذَلِكَ.
قُلْتُ: وَرَوَى مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: قُبْلَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وجَسَّه بِيَدِهِ مِنَ الْمُلَامَسَةِ، فَمَنْ قَبّل امْرَأَتَهُ أَوْ جَسَّهَا بِيَدِهِ، فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ.
وَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو الْحَسَنِ الدارقُطْني [فِي سُنَنِهِ] (٣) عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ نَحْوَ ذَلِكَ. وَلَكِنْ رَوَيْنا عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: أَنَّهُ كَانَ يُقَّبِلُ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ. فَالرِّوَايَةُ عَنْهُ مُخْتَلِفَةٌ، فَيَحْمِلُ (٤) مَا قَالَهُ فِي الْوُضُوءِ إِنْ صَحَّ عَنْهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنَ الْمَسِّ هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَمَالِكٍ وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ، قَالَ نَاصِرُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ: قَدْ قُرِئَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ﴿لامَسْتُمُ﴾ ﴿وَلَمَسْتُمْ﴾ وَاللَّمْسُ يُطْلَقُ فِي الشَّرْعِ عَلَى الْجَسِّ بِالْيَدِ قَالَ] اللَّهُ [ (٥) تَعَالَى: ﴿وَلَوْ نزلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ﴾ [الْأَنْعَامِ: ٧]، أَيْ جَسُّوهُ (٦) وَقَالَ [رَسُولُ اللَّهِ] (٧) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَاعِزٍ -حِينَ أَقَرَّ بِالزِّنَا يُعرض لَهُ بِالرُّجُوعِ عَنِ الْإِقْرَارِ-: "لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ لَمَسْتَ" (٨) وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "وَالْيَدُ زِنَاهَا اللَّمْسُ" وَقَالَتْ عَائِشَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قَلّ يَوْمٌ إِلَّا ورسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ عَلَيْنَا، فَيُقَبِّلُ وَيَلْمِسُ. وَمِنْهُ مَا ثَبَتَ فِي الصحيحين: أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ (٩) وَهُوَ يَرْجع إِلَى الْجَسِّ بِالْيَدِ عَلَى كِلَا التَّفْسِيرَيْنِ قَالُوا: وَيُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ عَلَى الْجَسِّ بِالْيَدِ، كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الْجِمَاعِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وألمستُ كَفي كفَّه أَطْلُبُ الغِنَى...
(٢) في أ: "وهو يرى".
(٣) زيادة من ر، أ.
(٤) في أ: "فيحتمل".
(٥) زيادة من ر، أ.
(٦) في ر، أ: "مسوه".
(٧) زيادة من أ.
(٨) رواه البخاري في صحيحه برقم (٦٨٢٤) وأبو داود في سننه برقم (٤٤٢٧) وأحمد في مسنده (١/٢٣٨) من حديث عبد الله بن عباس.
(٩) صحيح البخاري برقم (٢١٤٦) وصحيح مسلم برقم (١٥١١).