فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ". ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فَقَالَ لَهُ: "وَعَلَيْكَ" فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَتَاكَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَسَلَّمَا عَلَيْكَ فَرَدَدْتَ عَلَيْهِمَا أَكْثَرَ مِمَّا رَدَدْتَ عَلَيَّ. فَقَالَ: "إِنَّكَ لَمْ تَدَعْ لَنَا شَيْئًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ فَرَدَدْنَاهَا عَلَيْكَ".
وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مُعَلَّقًا فَقَالَ: ذُكِرَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ التِّرْمِذِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّرِيِّ -أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَنْطَاكِيُّ -قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا -حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ لَاحِقٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ.
وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ لَاحِقٍ أَبُو عُثْمَانَ، فَذَكَرَهُ بِمِثْلِهِ، وَلَمْ أَرَهُ فِي الْمُسْنَدِ (١) وَاللَّهُ (٢) أَعْلَمُ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا زِيَادَةَ فِي السَّلَامِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، إِذْ لَوْ شُرِعَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، لَزَادَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ -أَخُو سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ -حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ العُطَاردي، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَين؛ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ (٣) فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ: "عَشْرٌ". ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ (٤) وَرَحْمَةُ اللَّهِ. فَرَدَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ: "عِشْرُونَ". ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ (٥) وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. فَرَدَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ: "ثَلَاثُونَ".
وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِهِ، ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَعَلِيٍّ وَسَهْلِ بْنِ حُنَيف [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ] (٦).
وَقَالَ البزَّار: قَدْ رُوِيَ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ، هَذَا أَحْسَنُهَا إِسْنَادًا (٧) وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْمَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ (٨) عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سِمَاك، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ يُسَلِّمْ (٩) عَلَيْكَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، فَارْدُدْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَجُوسِيًّا؛ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾
وَقَالَ قَتَادَةُ: ﴿فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا﴾ يَعْنِي: لِلْمُسْلِمِينَ ﴿أَوْ رُدُّوهَا﴾ يَعْنِي: لِأَهْلِ الذِّمَّةِ.
وَهَذَا التَّنْزِيلُ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَرُدَّ بِأَحْسَنِ مِمَّا حَيَّاهُ به، فإن بلغ
(٢) في ر: "فالله".
(٣) في أ: "عليك".
(٤) في أ: "عليك".
(٥) في أ: "عليك".
(٦) زيادة من أ.
(٧) سنن أبي داود برقم (١٥٩٥) وسنن الترمذي برقم (٢٦٨٩) وسنن النسائي برقم (١٠١٦٩).
(٨) في أ: "الرقاشي".
(٩) في د، ر: "من سلم".