تُجِيبَ". (١) وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّة، حدثنا عَبْدُ الصَّمَدِ -يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْوَارِثِ-حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاك، سَمِعْتُ عِيَاضًا يُحَدِّثُ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُمْ قَوْمُ هَذَا". وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ بِنَحْوِهِ. (٢)
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ هَذِهِ صِفَاتُ الْمُؤْمِنِينَ الكُمَّل أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمْ مُتَوَاضِعًا (٣) لِأَخِيهِ وَوَلِيِّهِ، مُتَعَزِّزًا عَلَى خَصْمِهِ وَعَدُوِّهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الْفَتْحِ: ٢٩]. وَفِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ: "الضَّحُوكُ الْقَتَّالُ" فَهُوَ ضَحُوكٌ لِأَوْلِيَائِهِ قَتَّالٌ لِأَعْدَائِهِ.
وَقَوْلُهُ [تَعَالَى] (٤) ﴿يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ﴾ أَيْ: لَا يَرَدُّهُمْ عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ، وَقِتَالِ أَعْدَائِهِ، وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، لَا يَرُدُّهُمْ عَنْ ذَلِكَ رَادٌّ، وَلَا يَصُدُّهُمْ عَنْهُ صَادٌّ، وَلَا يَحِيكُ فِيهِمْ لَوْمُ (٥) لَائِمٍ وَلَا عَذَلُ عَاذِلٍ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا سَلَامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: أَمَرَنِي (٦) خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ، أَمَرَنِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي، وَلَا أَنْظُرُ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي، وَأَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ الرَّحِمَ وَإِنْ أَدْبَرَتْ، وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أَسْأَلَ أَحَدًا شَيْئًا، وَأَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا، وَأَمَرَنِي أَلَّا أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَأَمَرَنِي أَنَّ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ. (٧)
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ عَنْ أَبِي (٨) الْمُثَنَّى؛ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ قَالَ: بَايَعَنِي رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا وَوَاثَقَنِي سَبْعًا، وَأَشْهَدَ اللَّهَ عَلَيَّ تِسْعًا، أَنِّي لَا أَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ. قَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "هَلْ لَكَ إِلَى بَيْعَةٍ وَلَكَ الْجَنَّةُ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: وَبَسَطْتُ يَدَيَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَشْتَرِطُ: عَلَى أَلَّا تَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: "ولا سوطك وإن

(١) ورواه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (٣٣١٢) "مجمع البحرين" من طريق معاوية بن حفص، عن أبي زياد إسماعيل بن زكريا، عن محمد بن قيس الأسدي، عن محمد بن المنكدر به، وقال: "لم يروه عن محمد بن قيس الأسدي إلا أبو زياد، ولا عنه إلا معاوية. تفرد به أبو حميد، فزاد هنا محمد بن قيس الأسدي".
وذكره ابن أبي حاتم في العلل (٢/٩٥) ولم يذكر محمد بن قيس في سنده كما هو هنا في تفسيره، وقال: سمعت أبي يقول: "هذا حديث باطل".
تنبيه: وقع هنا أبي زياد الحلفاني وفي العلل: الخلقاني، وهو الصواب "الخلقاني" كما في "الاستغناء في المشهورين من حملة العلم بالكنى" لابن عبد البر (٢/١١٩٩).
(٢) تفسير الطبري (١٠/٤١٤) ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (١٢/١٢٣) وابن سعد في الطبقات (٤/١٠٧) والطبراني في المعجم الكبير (١٧/٣٧١) وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (١/٥٩) من طريق شعبة به. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/١٦) :"رجاله رجال الصحيح".
(٣) في ر: "لمتواضعا".
(٤) زيادة من أ.
(٥) في أ: "لومة".
(٦) في د: "أخبرني".
(٧) المسند (٥/١٥٩).
(٨) في د: "ابن".


الصفحة التالية
Icon